السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
بها في زمن من الأزمنة بخلاف مكة فإنه وجد بها في بعض السنين وهى سنة تسع وأربعين وسبعمائة ويقال إنه وقع في سنة تسع وثلاثين بعد الألف لما هدم السيل الكعبة أي الجانب الذي جهة الحجر قال بعضهم فمن حين انهدم وجد الطاعون بمكة واستمر إلى أن أقاموا الأخشاب موضع المنهدم وجعلوا عليها الستر فعند ذلك ارتفع الطاعون كذا أخبر بعض الثقات من أهل مكة وكونه لم يتفق دخول الطاعون في المدينة في زمن من الأزمنة يخالفه قول بعضهم وفى السنة السادسة من الهجرة وقع طاعون في المدينة أفنى الخلق وهو أول طاعون وقع في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع فلا بأرض تخرجوا منها وإن سمعتم به في أرض فلا تقربوها ويروى أنه لما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة رفع يديه وهو على المنبر وقال اللهم انقل عنها الوباء ثلاثا أي وفيه أن هذا قد يخالف ما سبق من أن هذا كان في آخره الأمر لاعند قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة إلا أن يحمل على أن قدومه صلى الله عليه وسلم كان من سفر لا للهجرة وفى الحديث سيأتي على الناس زمان يلتمسون فيه الرخاء فيحملون بأهليهم إلى الرخاء المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يلبث فيها أحد فيصبر للأوائها وشدتها حتى يموت إلا كنت له يوم القيامة شهيدا وشفيعا وفي مسلم لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا وكنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا أي شفيعا للعاصي وشهيدا للطائع وللأواء بالمد الجوع وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت فإني أشفع لمن يموت بها لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله تعالى ذوب الملح في الماء وفى رواية أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد أي وفى رواية في مسلم تنفى الخبث كما تنفى النار خبث الفضة وتقدم أن هذا ليس عاما في الأزمنة ولا في الأشخاص وفى رواية مكة والمدينة ينفيان الذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس لا يقبل الله
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»