السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
أي وهذا السياق يخالف ما في السيرة الهاشمية أن الصديق رضى الله تعالى عنه لما قدم المدينة أخذته الحمى هو وعامر بن فهيرة وبلال إلا أن يقال لا مخالفة لأنه يجوز أنها أخذتهم أولا وأقلعت عنهم ثم عادت عليهم بعد دخوله صلى الله عليه وسلم بعائشة أو أن عائشة استأذنته في ذلك وذكرت له حالهم قبل دخوله بها لأنها كانت معقودا عليها ولعل الصديق كان في غير بيت أم عائشة والذي في تاريخ الأزرقي عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت لما قدم المهاجرون المدينة شكوا بها فعاد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله تعالى عنه فقال كيف تجدك فأنشده ما تقدم ثم دخل على بلال فقال كيف تجدك يا بلال فأنشده ما تقدم ثم دخل على عامر بن فهيرة فقال كيف تجدك يا عامر فأنشده ما تقدم ولا مانع من التعدد فليتأمل وحين ذكرت عائشة رضى الله تعالى عنها له ذلك نظر إلى السماء أي لأنها قبلة الدعاء وقال اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد وفى رواية وأشد وبارك لنا في مدها وصاعها وصححها لنا ثم انقل وباءها إلى مهيعة أي الجحفة كما في رواية وهى قرية من رابع محل إحرام من يجئ من جهة مصر حاجا وكان سكانها إذ ذاك يهود ودعاؤه صلى الله عليه وسلم أن يحبب إليهم المدينة إنما هو لما جلبت عليه النفوس من حب الوطن والحنين إليه ومن ثم جاء في حديث أن عائشة رضى الله تعالى عنها سألت رجلا بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة من مكة فقالت له كيف تركت مكة فذكر من أوصافها الحسنة ما غرغرت منه عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا تشوقنا يا فلان وفى رواية دع القلوب تقر أقول ودعاؤه صلى الله عليه وسلم بنقل الحمى كان في أخر الأمر وأما عند قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة فخير بين الطاعون والحمى أي بقائها فأمسك الحمى بالمدينة وأرسل الطاعون إلى الشام كما جاء في بعض الأحاديث أتاني جبريل بالحمى والطاعون فأمسكت الحمى بالمدينة وأرسلت الطاعون إلى الشام وقولنا أي بقائها رد لما قد يتوهم من الحديث أن الحمى لم تكن بالمدينة قبل قدومه صلى الله عليه وسلم إليها وإنما اختار الحمى على الطاعون لأنه كان حينئذ في قلة من أصحابه فاختار بقاء الحمى لقلة الموت بها غالبا بخلاف الطاعون ثم لما احتاج للجهاد وأذن له في القتال ووجد الحمى تضعف أجساد
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»