المثناة التحتية آخره راء مقصورة واسمه جرجيس وقيل سرجيس وحينئذ يكون بحيرا لقبه في صومعة له وكان انتهى إليه علم النصرانية أي لأن تلك الصومعة كانت تكون لمن ينتهى إليه علم النصرانية يتوارثونها كابرا عن كابر عن أوصياء عيسى عليه الصلاة والسلام وفي تلك المدة انتهى علم النصرانية إلى بحيرا وقيل كان بحيرا من أحبار اليهود يهود تيما أقول لا منافاة لأنه يجوز أن يكون تنصر بعد أن كان يهوديا كما وقع لورقة بن نوفل كما سيأتي هذا وقال ابن عساكر إن بحيرا كان يسكن قرية يقال لها الكفؤ بينها وبين بصرى ستة أميال وقيل كان يسكن البلقاء من أرض الشام بقرية يقال لها ميفعة ويحتاج إلى الجمع وقد يقال يجوز أنه كان يسكن في كل من القريتين كل واحدة يسكن فيها زمنا وكان في بعض الأحايين يأتي لتلك الصومعة فليتأمل وقد سمع مناد قبل وجوده صلى الله عليه وسلم ينادي ويقول ألا إن خير أهل الأرض ثلاثة رباب بن البراء وبحيرا الراهب وآخر لم يأت بعد وفي لفظ والثالث المنتظر يعني النبي صلى الله عليه وسلم ذكره ابن قتيبة قال ابن قتيبة وكان قبر رباب وقبر ولده من بعده لا يزال يرى عندهما طش وهو المطر الخفيف والله أعلم وكانت قريش كثيرا ما تمر على بحيرا فلا يكلمهم حتى كان ذلك العام صنع لهم طعاما كثيرا وقد كان رأى وهو بصومعته رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم لما نزلوا في ظل شجرة نظر إلى الغمامة قد أظلت الشجرة وتهصرت أي مالت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية وأخضلت أي كثرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استظل تحتها أي وقد كان صلى الله عليه وسلم وجدهم سبقوه إلى فىء الشجرة فلما جلس صلى الله عليه وسلم مال فىء الشجرة عليه ثم أرسل إليهم إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم فقال له رجل منهم لم أقف على اسم هذا الرجل يا بحيرا إن لك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا بنا وكنا نمر عليك كثيرا فما شأنك اليوم فقال له بحيرا صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت
(١٩٣)