قال فما فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت أي ثم قال ما فعلت أمه قال توفيت قريبا قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلاده واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت لتبغينه شرا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم أي نجده في كتبنا ورويناه عن آبائنا واعلم أني قد أديت إليك النصيحة فأسرع به إلى بلده وفي لفظ لما قال له ابن أخي قال له بحيرا أشفيق عليه أنت قال نعم قال فوالله لئن قدمت به إلى الشام أي جاوزت هذا المحل ووصلت إلى داخل الشام الذي هو محل اليهود لتقتلنه اليهود فرجع به إلى مكة ويقال إنه قال لذلك الراهب إن كان ألأمر كما وصفت فهو في حصن من الله عز وجل وقد يقال لا مخالفة لأن ما صدر من بحيرا كان على ما جرت به العادة من طلب التوقي فخرج به عمه أبو طالب حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام وفي الهدى فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة فليتأمل وذكر أن نفرا من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى بحيرا وأرادوا به سواء فردهم عنه بحيرا وذكرهم الله وما يجدونه في الكتاب من ذكره وصفاته وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا لا يخلصون إليه فعند ذلك تركوه وانصرفوا عنه وفي رواية أخرى خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب بحيرا قبل ذلك يمرون عليه فلا يخرج إليهم ولا يلتفت إليهم فجعل وهم يحلون رحالهم يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمة للعالمين فقال الأشياخ من قريش ما أعلمك فقال إنكم حين أشرفتم على العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا ولا يسجد إلا لنبي أي وإن الغمامة صارت تظلله دونهم وإني لأعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة أي والغضروف تقدم أنه رأس لوح الكتف ثم رجع وصنع لهم طعاما فلما أتاهم به كان النبي صلى الله عليه وسلم في رعية الإبل فأرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فئ الشجرة فلما جلس مال فئ الشجرة عليه فقال الراهب انظروا إلى فئ هذه الشجرة مال عليه
(١٩٥)