السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
له لا أذكر إلا وتذكر معي فقد جاء أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول لك أتدري كيف رفعت ذكرك أي على كل حال أي جعلت ذكرك مرفوعا مشرفا المذكور ذلك في قوله تعالى * (ألم نشرح لك صدرك) * إلى قوله * (ورفعنا لك ذكرك) * قلت الله أعلم قال لا أذكر إلا وتذكر معي أي في غالب المواطن وجوبا أو ندبا ومن ذلك ما روى عن علي رضي الله تعالى عنه قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم هل عبدت وثنا قط قال لا قالوا هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان انتهى أقول تحريم شرب الخمر في الجاهلية ليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم بل حرمها على نفسه في الجاهلية جماعة كثيرون سيأتي ذكر بعضهم وتقدم ذكر بعض منهم وكون شرب الخمر من الكفر على ما هو ظاهر السياق بمعنى ينبغي أن يجتنب كما يجتنب الكفر ولعل صدور هذا منه صلى الله عليه وسلم كان بعدم تحريم الخمر ويكون الإتيان بذلك للمبالغة في الزجر عنها والتباعد منها لأنها أم الخبائث وقد كانت نفوس غالبهم ألفتها وهذا محمل ما جاء أتاني جبريل فقال بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا أي مصدقا بما جئت به دخل الجنة أي لا بد وأن يدخل الجنة وإن دخل النار قلت يا جبريل وإن زنى وإن سرق قال نعم قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم وإن شرب الخمر والمراد بتحريمها تحريمها على الناس وإلا ففي الخصائص الصغرى للسيوطي وحرمت عليه الخمر من قبل ما يبعث قبل أن تحرم على الناس بعشرين سنة والله أعلم قال وأما ما رواه جابر بن عبد الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم فسمع ملكين خلفه واحد يقول لصاحبه أذهب بنا نقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف نقوم خلفه وإنما عهده بإستلام الأصنام قبل لم يعد بعد ذلك يشهد مع المشركين مشاهدهم قال الحافظ ابن حجر أنكره الناس أي فقد قال الإمام أحمد كما في الشفاء إنه موضوع أو يشبه الموضوع وقال الدارقطني إن ابن أبي شيبة وهم في إسناده والحديث بالجملة منكر فلا يلتفت إليه والمنكر فيه قول الملك عهده بإستلام الأصنام قبل فإن ظاهره أنه باشر الاستلام وليس ذلك مرادا أبدا بل المراد أنه شاهد مباشرة المشركين استلام أصنامهم أي لشهوده بعض مشاهدهم التي تكون عند الأصنام
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»