السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٢٨
وذكر بعضهم أن الغرض من نزول آية المائدة بيان أن من لم يقدر على الوضوء والغسل لمرض أو لعدم الماء يباح له التيمم أي ففرضية الوضوء والغسل سابقة على نزولها ويؤيد ذلك قول عائشة رضي الله تعالى عنها في الآية فانزل الله تعالى آية التيمم ولم تقل آية الوضوء وهي هي لأن الوضوء كان مفروضا قبل أن توجد تلك الآية ويوافقه ما ذكره ابن عبد البر من اتفاق أهل السير على أن الغسل من الجنابة فرض عليه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ما يقتضى أن فرض الغسل كان مع فرض الصلوات ليلة الإسراء فقد جاء عنه كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرات فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعل الصلاة خمسا والغسل من الجنابة مرة قال بعض فقهائنا رواه أبو داود ولم يضعفه وهو إما صحيح أو حسن قال ذلك البعض ويجوز أن يكون المراد بها أي الغرض من نزولها فرض غسل الرجلين في قراءة من قرأ * (وأرجلكم) * بالنصب فإن حديث جبريل ليس فيه إلا مسحهما أي وهو أن جبريل أول ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي توضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح رأسه ورجليه إلى الكعبين وسجد سجدتين أي ركع ركعتين مواجهة البيت ففعل النبي صلى الله عليه وسلم كما يرى جبرل يفعله هذا كلامه وفيه نظر لأن أكثر الروايات وغسل رجليه كما تقدم فرجليه في هذه الرواية معطوفة على وجهه كما أن أرجلكم في الآية على قراءة الجر معطوفة على الوجوه وإنما جر للمجاورة وإن كان الجر للمجاورة في غير النعت قليلا أو عبر عن الغسل الخفيف بالمسح وفي كلام الشيخ محيي الدين مسح الرجلين في الوضوء بظاهر الكتاب وغسلهما بالسنة المبينة للكتاب قال ويحتمل العدول عن الظاهر بناء على أن المسح فيه يقال للغسل فيكون من الألفاظ المترادفة وفتح أرجلكم لا يخرجها عن الممسوح فإن هذه الواو قد تكون واو المعية وجاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة أي عملا بظاهر قوله تعالى * (إذا قمتم إلى الصلاة) * الآية فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد فقال له سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال عمدا فعلته
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»