السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٢٩
يا عمر أي للإشارة إلى جواز الاقتصار على وضوء واحد للصلوات الخمس وجواز ذلك ظاهر في نسخ وجوب الوضوء عليه لكل صلاة ويوافقه قول بعضهم قيل كان ذلك الوضوء لكل صلاة واجبا عليه ثم نسخ هذا كلامه أي ويؤيده ذلك ظاهر ما جاء أنه أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم وضع عنه الوضوء إلا من حدث أي ويكون وقت المشقة يوم فتح مكة لما علمت أنه لم يترك الوضوء لكل صلاة إلا حينئذ وهذا السياق يدل على أن وجوب الوضوء لكل صلاة كان من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ويدل لذلك ما روى عن أنس رضي الله تعالى عنه كان رسول الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة قيل لهم كيف تصنعون أي هل كنتم تفعلون كفعله صلى الله عليه وسلم قال يجزى أحدنا الوضوء ما لم يحدث أي فوجب الوضوء لكل صلاة كان من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وذكر فقهاؤنا أن الغسل كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم لكل صلاة فنسخ بالنسبة للحدث الأصغر تخفيفا فصار الوضوء بدلا عنه ثم نسخ الوضوء لكل صلاة فظاهر سياقهم يقتضى أن وجوب الغسل ثم الوضوء لكل صلاة كان عاما في حقه صلى الله عليه وسلم وحق أمته ويحتاج إلى بيان وقت نسخ وجوب الغسل في حقه صلى الله عليه وسلم وحق أمته وبيان وقت نسخ وجوب الوضوء لكل صلاة في حق الأمة ومنه يعلم أن نسخ وجوب الوضوء لكل صلاة يكون بالنسبة للأمة ثم بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم وحينئذ لا يشكل قول فقهائنا الآية تقتضي وجوب الطهر بالماء أو التراب لكل صلاة خرج الوضوء بالسنة أي بما تقدم من فعله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وبتجويزه صلى الله عليه وسلم للأمة أن يصلى الواحد منهم الصلوات بوضوء واحد وبقى التيمم على مقتضى الآية فقد وقع النسخ أولا بالنسبة للأمة ثم ثانيا بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم ولعل وجوب الغسل لكل صلاة كان بوحي غير قرآن أو باجتهاد ولا يخفى أن كون ظاهر الآية يقتضى وجوب الوضوء والتيمم لكل صلاة إنما هو بقطع النظر عما نقله إمامنا رضي الله تعالى عنه عن زيد بن أسلم أن الآية فيها تقديم وحذف وأن التقدير * (إذا قمتم إلى الصلاة) * من النوم * (أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء) * * (فاغسلوا وجوهكم) * الآية والله أعلم
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»