أناسا. فلما كان الغد لم تجد أحدا فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به، فأنكره أيضا، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟
فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقا قال في دعائه: [رب] إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ".
وقال [ابن أبي حاتم (1)] حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان لأيوب أخوان، فجاء يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه، فقاما من بعيد، قال أحدهما لصاحبه: لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع [مثله (1)] من شئ قط، فقال: اللهم إن كنت تعلم أنى لم أبت ليلة قط شبعانا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أنى لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني. فصدق. من السماء وهما يسمعان. ثم قال: اللهم بعزتك وخر ساجدا، فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدا حتى تكشف عنى، فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وقال ابن أبي حاتم وابن جرير جميعا: حدثنا يونس بن عبد الاعلى أنبأنا ابن وهب، أخبرني نافع بن يزيد، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس ابن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له; كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه:
تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين. قال له صاحبه: