فأما في شريعتنا فقد نهى عن الدعاء بالموت إلا عند الفتن; كما في حديث معاذ في الدعاء الذي رواه أحمد: " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنا إليك غير مفتونين ". وفى الحديث الآخر: " ابن آدم، الموت خير لك من الفتنة ". وقالت مريم عليها السلام: " يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ". وتمنى الموت علي بن أبي طالب، لما تفاقمت الأمور وعظمت الفتن واشتد القتال، وكثر القيل والقال. وتمنى ذلك البخاري [أبو عبد الله (1)] صاحب الصحيح، لما اشتد عليه الحال ولقى من مخالفيه الأهوال.
فأما في حال الرفاهية فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، إما محسنا [فلعله (1)] يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب.
ولكن ليقل: " اللهم أحينى ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ". والمراد بالضر هاهنا، ما يخص العبد في بدنه; من مرض ونحوه، لا في دينه.
والظاهر أن نبي الله يوسف عليه السلام سأل ذلك، إما عند احتضاره، أو إذا كان ذلك أن يكون كذلك.
وقد ذكر ابن إسحاق عن أهل الكتاب: أن يعقوب أقام بديار مصر عند يوسف سبع عشرة سنة، ثم توفى عليه السلام. وكان قد أوصى إلى يوسف عليه السلام أن يدفن عند أبويه إبراهيم وإسحق. قال السدى: