" فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين ". قيل بقبولها، قاله السدى. وقيل برد أخينا إلينا، قاله ابن جريج. وقال سفيان بن عيينة: إنما حرمت الصدقة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم [ونزع (1)] بهذه الآية. رواه ابن جرير.
فلما رأى ما هم فيه من الحال وما جاءوا به مما لم يبق عندهم سواه من ضعيف المال، تعرف إليهم وعطف عليهم، قائلا لهم عن أمر ربه وربهم، وقد حسر لهم عن جبينه الشريف، وما يحويه من الحال الذي يعرفون فيه: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ".
" قالوا " وتعجبوا كل العجب، وقد ترددوا إليه مرارا عديدة وهم لا يعرفون أنه هو: " أئنك لانت يوسف؟ ".
" قال أنا يوسف وهذا أخي ". يعنى أنا يوسف الذي صنعتم معه ما صنعتم، وسلف من أمركم فيه ما فرطتم. وقوله: " وهذا أخي " تأكيد لما قال، وتنبيه على ما كانوا أضمروا لهما من الحسد، وعملوا في أمرهما من الاحتيال. ولهذا قال: " قد من الله علينا " أي بإحسانه إلينا وصدقته علينا، وإيوائه لنا وشده معاقد عزنا، وذلك بما أسلفنا من طاعة ربنا، وصبرنا على ما كان منكم إلينا، وطاعتنا وبرنا لأبينا، ومحبته الشديدة لنا وشفقته علينا. " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ".