فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوما بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم. ويقال إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال:
" لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ".
ولهذا قال تعالى: " إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم " أي اختبارا لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. " فارتقبهم " أي انتظر ما يكون من أمرهم " واصطبر " على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية.
" ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب مختضر ".
فلما طال عليهم [هذا (1)] الحال اجتمع مأواهم، واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم. قال الله تعالى: " فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم، وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ".
وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن سالف بن جندع، وكان أحمر أزرق أصهب. وكان يقال إنه ولد زانية (2) ولد على فراش سالف، وهو ابن رجل يقال له صيبان. وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم، فلهذا نسب الفعل إليهم كلهم (2).
وذكر ابن جرير وغيرهم من علماء المفسرين: أن امرأتين من ثمود