ما هذا الصوم؟ فقالوا: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبنى إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكرا لله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " انا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم " وقال لأصحابه:
" من كان منكم أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان منكم قد أصاب من غد أهله فليتم بقية يومه ".
وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر، والمستغرب ذكر نوح أيضا. والله أعلم.
وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم، ومن حبوب كانت معهم قد استصحبوها، وطحنوا الحبوب يومئذ، واكتحلوا بالإثمد لتقوية أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة - فكل هذا لا يصح فيه شئ، وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقتدى بها. والله أعلم.
وقال محمد بن إسحاق: لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان - أرسل ريحا على وجه الأرض، فسكن الماء وانسدت ينابيع الأرض، فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر، وكان استواء الفلك [على الجودي (1)] فيما يزعم أهل التوراة - في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه. وفى أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤوس الجبال. فلما مضى بعد ذلك أربعون يوما فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها، ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء