الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧٧٩
وقال علي (عليه السلام): أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا وحسدا لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويجلى العمى لا بهم (1).
أبو الصباح الكناني وأبو نصر كلاهما عن الصادق (عليه السلام)، وروى الفضل بن يسار وبريد بن معاوية العجلي كلاهما عن الباقر (عليه السلام)، واللفظ للكناني: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون في الدين قال الله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * (2).
والراسخ في اللغة هو اللازم الذي لا يزول عن حاله، ولا يكون كذلك إلا من طبعه الله تعالى على العلم في ابتداء نشوئه كعيسى (عليه السلام) في وقت ولادته قال: * (إني عبد الله آتاني الكتاب (3)... الآية) * (4) فأما من بقي السنين الكثيرة لا يعلم ثم يطلب العلم فيناله من جهة غيره على قدر ما يجوز أن يناله منه فليس ذلك من الراسخين.
يقال: رسخت عروق الشجر في الأرض، ولا يرسخ إلا صغيرا (5).
والأئمة الاثنا عشر (عليهم السلام) ما نقل عن واحد منهم أنه قعد عند معلم، ولا تردد إلى فقيه ولا إلى محدث فعلم الله تعالى أن المبطل يقول: كل واحد منهم تعلم من أبيه فقبض الله تعالى الرضا (عليه السلام) ولولده الجواد ثمان سنين، وقبض الجواد ولولده الهادي ثمان سنين، ومع هذا لم يقصرا عن علم آبائهما (عليهم السلام)، ولا ترددا إلى معلم ولا فقيه ولا أخذا عن أحد شيئا من العلم، بل كان علمهم (عليهم السلام) إفاضة من الله تعالى.
وكذلك علم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما يخلو من أن يكون إفاضة من الله تعالى بدعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) له بذلك فسرى ذلك في ولده (عليهم السلام)، أو أن النبي (صلى الله عليه وآله)

(١ و ٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج ١ ص ٢٨٥.
(٣) في الأصل زيادة: " والحكمة " وهو من سهو القلم.
(٤) مريم: ٣٠.
(٥) المناقب لابن شهرآشوب: ج 1 ص 285.
(٧٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 774 775 776 777 778 779 780 781 782 783 784 ... » »»