الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧٢٦
أبو الحسن (عليه السلام) من موكب المتوكل وبين يديه الشاكرية ومن ورائه الركبية يشيعونه إلى داره.
قال: فلما بلغ إلى الموضع الذي فيه الرجلان التفت إلى الرجل الفطحي فتفل بشئ من فيه في صدر الفطحي كأنه عرق البيض فالتصق في صدر الرجل كمثل دارة الدرهم وفيه سطر مكتوب بخضرة: ما كان عبد الله هناك ولا كذلك.
قال: فقرأه الناس وقالوا له: ما هذا؟ فأخبرهم وصاحبه بقصتهما، فأخذ الفطحي التراب من الأرض بيده فوضعه على رأسه وقال: تبا لما كنت عليه قبل يومي هذا والحمد لله على حسن هدايته، وقال بإمامته (1).
وقال أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى سنة ثمان وثلاثين ومائتين، قال: حدثني أبي، قال: كنت بسر من رأى أسير في درب الحصى فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ يخنشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا فسايرني وأفضى بنا الحديث إلى أن قال لي: أترى تدري من صاحب هذا الجدار؟ قلت: ومن صاحبه؟ قال: هذا الفتى العلوي الحجازي، يعني علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام)، وكنا نسير في فناء داره. قلت ليزداد: نعم فما شأنه؟
قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو. قلت: وكيف ذلك؟ قال: أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع مثلها أبدا ولا غيرك من الناس، ولكن لي الله عليك كفيل وراع، أنك لا تحدث به عني أحدا فإني رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس فيخرج هذا الأمر عنهم يعني بني العباس قلت: لك علي ذلك فحدثني به، وليس عليك بأس إنما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم.
قال: نعم أعلمك أني لقيته منذ أيام وهو على فرس أدهم وعليه ثياب سواد وعمامة سواد وهو أسود اللون، فلما بصرت به وقفت إعظاما له وقلت في نفسي:
لا وحق المسيح ما خرجت من فمي إلى أحد من الناس قلت في نفسي: ثياب

(1) دلائل الإمامة: ص 220.
(٧٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 ... » »»