الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٦٨
أخذتها منها سرا لتمام المائتين دينار، وكنت سألتها ذلك ولم تعطني وقالت: إني أريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان. فذكر مولاي أنه قدم المدينة فسأل عن أبي الحسن فقيل له انه قد خرج إلى مكة، فأسرع في السير، فقال: والله إني لأسير من المدينة إلى مكة في ليلة مظلمة لهاتف يهتف بي: يا مبارك يا مبارك مولى شعيب العقرقوفي. قلت: أيش أنت؟ قال: أنا معتب، يقول لك أبو الحسن: هات الكتاب الذي معك ووافني بما معك إلى منى.
قال: فنزلت من محملي فدفعت إليه الكتاب، وصرت إلى منى فدخلت عليه وصببت الدنانير عنده، فجر بعضها إليه ودفع بعضها بيده ثم قال لي: يا مبارك ادفع هذه الدنانير إلى شعيب وقل له: يقول لك أبو الحسن ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه فإن صاحبتها تحتاج إليها.
قال: فخرجت من عنده وقدمت على شعيب وقلت له: قد رد عليك من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا وهو يقول لك: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه، فما قصة هذه الدنانير فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم؟ فقال: يا مبارك إني طلبت من أختي فاطمة خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير فامتنعت وقالت أريد أشتري قراح (1) فلان بن فلان، فأخذتها سرا ولم ألتفت إلى كلامها. قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها فإذا هي خمسون دينارا لا تزيد ولا تنقص.
فقال: والله لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا. قال شعيب: فقلت: هو والله لتمام فرض الله لطاعته وهكذا صنع والله بي أبو عبد الله (عليه السلام) (2).
$ الإمام الكاظم (عليه السلام) / نبذ من كلامه وقال علي بن أبي حمزة: قال لي أبو الحسن (عليه السلام) مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ: يا علي يلقاك غدا رجل من أهل المغرب يسألك عني فقل له هو والله الإمام الذي قال لنا أبو عبد الله عنه، وإذا سأل عن الحلال والحرام فأجبه عني. قلت:
ما علامته؟ قال: رجل طوال جسيم اسمه يعقوب، وهو رائد قومه، وإن أحببت أن

(١) القراح: الأرض لا ماء فيها ولا شجر، جمع أقرحة.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 294.
(٦٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 ... » »»