الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٦٣
ابن جعفر (عليهما السلام) بسوء، فاشتريت سكينا وقلت في نفسي: والله لأقتلنه إذا خرج من المسجد، فأقمت على ذلك وجلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن (عليه السلام) قد طلعت علي فيها: بحقي عليك إلا ما كففت عن الأخرس فإن الله تعالى يقضي، وهو حسبي (1).
وحدث أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيباني أن علي بن محمد بن الزبير البلخي حدثني، قال: حدثنا خشنام بن حاتم الأصم، قال: حدثني أبي، قال:
قال لي شقيق بن إبراهيم البلخي: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلت القادسية (2)، فبينا أنا أنظر إلى الناس في رتبتهم وكثرتهم إذ نظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة تعلوا فوق ثيابه بثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم، والله لأمضين إليه ولأوبخنه فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق * (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) * (3) ثم تركني ومضى.
فقلت في نفسي: إن هذا لأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلا عبد صالح، لألحقنه ولأسألنه أن يحالني. فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عن عيني.
فلما نزلنا واقصة (4) إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله. فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال لي: يا شقيق أتل: * (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا

(١) المناقب: ج ٤ ص ٢٨٩ وفيه: فان الله ثقتي.
(٢) قرية قرب الكوفة، من جهة البر، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا.
(٣) الحجرات: ١٢.
(4) واقصة: بكسر القاف والصاد المهملة، موضعان: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة، وواقصة أيضا بأرض اليمامة.
(٦٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 668 ... » »»