الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٧٢
من بعدي. قال المسيب: فقلت: مولاي كيف تأمرني؟ وكيف أفتح لك الأبواب والحرس معي على الأبواب وأقفالها؟ فقال: يا مسيب ضعفت نفسك في الله وفينا فقلت: يا سيدي بين لي. فقال: يا مسيب إذا مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثها قف فانظر. قال المسيب: فحرمت علي النوم في تلك الليلة، فلم أزل راكعا وساجدا وناظرا ما وعدنيه، فلما مضى من الليل ثلثه تغشاني النعاس وأنا جالس فإذا أنا بسيدي موسى (عليه السلام) يحركني برجله ففزعت وقمت قائما، فإذا سلك الجدران المشيدة والأبنية المعلاة وما حولنا من القصور قد صارت كلها أرضا، فظننت بمولاي أنه أخرجني من المجلس الذي كان فيه. قلت: مولاي خذ بيدي من ظالمك وظالمي. فقال: يا مسيب تخاف القتل؟ قلت: مولاي معك لا. فقال:
يا مسيب فاهدأ على جملتك، فإني راجع إليك بعد ساعة وإذا وليت عنك فسيعود المجلس إلى شأنه. قلت: مولاي فالحديد الذي عليك كيف تصنع به؟ فقال: ويحك يا مسيب بنا والله ألان الله الحديد لنبيه داود (عليه السلام)، فكيف يصعب علينا؟! قال: ثم خطا من بين يدي خطوة فغاب عن بصري، ثم ارتفع البنيان وعادت القصور إلى ما كانت عليه، واشتد اهتمامي بنفسي وعلمت أن وعده الحق، فلم أزل قائما على قدمي فلم ينقضي إلا ساعة حتى رأيت الجدران والأبنية قد خرت إلى الأرض وإذا أنا بسيدي (عليه السلام) وقد عاد إلى حبسه وعاد الحديد إلى رجليه، فخررت ساجدا لوجهي بين يديه. فقال: ارفع رأسك يا مسيب واعلم أن سيدك راحل عنك إلى الله في ثالث هذا اليوم. قلت: مولاي فأين سيدي علي؟
$ الإمام الكاظم (عليه السلام) / أولاده فقال: شاهد غير غائب يا مسيب، وحاضر غير بعيد. قلت: سيدي فإليه قصدت. قال: قصدت والله يا مسيب كل منتجب لله على وجه الأرض شرقا وغربا قال: فبكيت. فقال: لا تبك يا مسيب، فإنا نور لا يطفأ، إن غبت عنك فهذا علي ابني يقوم مقامي بعدي. فقلت: الحمد لله. قال: ثم إن سيدي دعاني فقال لي: يا مسيب إذا أنا دعوت بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخت بطني يا مسيب واصفر لوني واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الظالم بوفاتي، وإياك إذا رأيت بي هذا الحدث أن تظهر عليه أحد من عندي إلا بعد وفاتي. قال المسيب: فلم أزل أترقب وعده
(٦٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 667 668 669 670 671 672 673 674 675 677 678 ... » »»