الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٦
فقال له: لقد رأيت ما رأيت فما عندك في تأويلها؟
قال: ما عندي فيها ولا في تأويلها شئ، ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلا من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان.
فبعث اليه عبد المسيح بن نفيلة الغساني، فلما قدم اليه أخبره كسرى بالخبر، فقال له: أيها الملك ليس عندي فيها ولا في تأويلها شئ، ولكن جهزني إلى خال لي بالشام يقال له سطيح. فقال: جهزوه.
فلما قدم على سطيح وجده قد احتضر، فناداه فلم يجبه، وكلمه فلم يرد عليه، فقال عبد المسيح:
أصم لم يسمع غطريف (1) اليمن * يا فاصل الخطة أعيت من ومن (2) أتاك شيخ الحي من آل سنن (3) * أبيض فضفاض من الردا والبدن رسول قيل العجم يهوي للوثن * لا يرهب الوعد ولا ريب الزمن (4) فرفع إليه رأسه وقال: عبد المسيح على جمل مشيح، جاء إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك ساسان لارتجاج الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبدان، رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، حتى اقتحمت الوادي، وانتشرت في البلاد، عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة، وغاض وادي السماوة، وظهر صاحب الهراوة، فليست الشام لسطيح بشام، يملك منهم ملوك وملكات عدد سقوط الشرافات، وكلما هو آت آت. ثم قال عبد المسيح:
شمر فإنك ماضي الهم شمير * لا يفزعنك تفريق وتغيير أن يمس ملك بني ساسان أفرطهم * فإن ذا الدهر أطوارا دهارير

(1) الغطريف - بالكسر -: السيد.
(2) الفاصل: المبين والحاكم والخطة - بضم الخاء وتشديد الطاء -: الخطب والأمر والحال، أي يا من يبين ويظهر أمورا أعيت وأعجزت " من ومن " أي جماعة كثيرة.
(3) السنن - محركة: الإبل تسنن في عدوها. وفي تاريخ اليعقوبي: آل يزن.
(4) في اكمال الدين: " كسرى للوسن " بدل " يهوى للوثن ". وهو الصحيح والقيل - بالفتح -:
الملك، والوسن: أي لشأن الرؤيا التي رآها الموبذان.
(٥٦)
مفاتيح البحث: الشام (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»