عليه كل حجر ومدر، فتعجبت من أمره، فلقيت حليمة السعدية فأخبرتها، فقالت:
أتعجب من هذا! والله لقد رأيت الظباء والوحش تجتمع اليه فتسلم عليه، ولقد كنا نسمع صباحا ومساء صوتا من السماء وهو يقول: سلام على أمين الله ورسوله.
ولقد لقيت ليلة ليس عندنا سراج فأحمل النبي (عليه السلام) وأدخل البيت فيضئ البيت فآخذ حاجتي من البيت، ولقد كنت أحمله إلى البرية ليفرح فلا يبقى يومئذ طير ولا وحش إلا يجتمع اليه ويخضع له ويشمه.
وقال مودود مولى عمر بن علي عن آبائه قالوا: قالت حليمة السعدية: ما تمنيت شيئا قط في منزلي إلا أعطيته من الغد. ولقد أخذ ذئب من الذئاب عنيزة لي، فيداخلني من ذلك حزن شديد، فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) رافعا رأسه إلى السماء، فما شعرت إلا والذئب والعنيزة على ظهره قد ردها علي ما عقر منها شيئا (1).
وقال محمد بن عبد الرحمن بن تومان، عن عثمان بن عفان قال: سمعت من يحكي عن حليمة أنها قالت: ما أخرجته قط في شمس إلا وسحابة تظله، ولا في مطر إلا وسحابة تكنه من المطر. وما زال من خيمتي نور ممدود بين السماء والأرض، ولقد كان الناس يصيبهم الحر والبرد فما أصابني حر ولا برد منذ كان عندي ولقد هممت يوما أن أغسل رأسه فجئته وقد غسل رأسه ودهن وطيب، وما غسلت له ثوبا قط، وكلما هممت بغسل ثوبه سبقت إليه فوجدت عليه ثوبا غيره جديدا (2).
وقال مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: سمعت مشيخة قريش يحكون عن حليمة أنها قالت: ما كنت أخرج لمحمد (صلى الله عليه وآله) ثدي إلا سمعت له نغمة، ولا شرب قط إلا وسمعته ينطق بشئ فتعجبت منه، حتى إذا نطق وعقل كان يقول:
" بسم الله رب محمد " إذا أكل، وفي آخر ما يفرغ من أكله وشربه يقول: " الحمد لله رب محمد (3).