الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٢
في شوال، وكان حلف الفضول في ذي القعدة، وبينهم وبين الفيل عشرون سنة وكان حلف الفضول أكرم حلف كان قط وأعظمه شرفا.
وكان أول من تكلم فيه ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب، وذلك أن الرجل من العرب... (1) من العجم كان يقدم بتجارة إلى مكة ربما ظلموا، فكان آخر من ظلم بها رجل من بني زيد بن مذحج قدم بسلعة فباعها من العاص بن وائل السهمي وكان شريفا عظيم القدر فظلمه ثمنها، فناشده الزبيدي في حقه قبله، فأبى عليه، فأتى الزبيدي الأحلاف وهم عبد الدار ومخزوم وجمح وسهم وعدي فأبوا أن يعينوه على العاص وزبروه، فلما رأى الزبيدي ذلك أوفى على أبي قبيس قبل طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة وصاح بأعلى صوته:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الحي والنفر إن الحرام لمن تمت حرامته * ولا حرام لثوب الكافر الغدر (2).
قال: فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا منزل. فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان وصنع لهم طعاما فتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام قياما يتماسحون صعدا، فتعاقدوا وتحالفوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدوا اليه حقه ما بل بحر صوفه وما أرسى ثبير (3) وجرى مكانهما، وعلى التأسي في المعاش. فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
وقيل: لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر.
$ رسول الله (صلى الله عليه وآله) / مولده وحكي عن بعض علماء قريش أنه قال: كان مثل هذا الحلف في جرهم، فمشى فيه رجال يقال لهم أفضل وفضال وفضيل وفضالة، فبذلك سمت قريش هذا الحلف حلف الفضول. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لقد شهدت حلفا في دار عبد الله بن

(1) كلمة مطموسة، لعلها: وربما.
(2) وفي الروض الآنف: ج 1 ص 156: " كرامته " بدل " حرامته " و " الفاجر " بدل " الكافر ".
(3) ثبير: جبل في مكة.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»