الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١١٧
أفضلهما، ثم قال له: اركب فداك أبي وأمي.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لا أركب بعيرا ليس لي.
قال: فهو لك يا رسول الله بأبي وأمي.
قال: لا ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟
قال: كذا وكذا.
قال: قد اخذتها بذلك.
قال: هي لك يا رسول الله، فركبا وانطلقا (1).
وهذا الخبر مما يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) لم ينفق عليه أبو بكر شيئا، إذ لو كان قد تقبل منه النفقة عليه لما رأى أنه لا يركب له راحلة على سبيل العارية أو الهبة، ولكان ردها عليه قبيحا مستهجنا من الناقص فكيف من الكامل المسدد من قبل الله سبحانه وتعالى.
ودخل المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول. وقيل: الحادي عشر، وهي السنة الأولى من الهجرة، فرد التاريخ إلى المحرم، فكان نزل (عليه السلام) بقبا في دار كلثوم بن الهدم، ثم بدار خيثمة الأوسي ثلاثة أيام ويقال: اثني عشر يوما، إلى بلوغ علي (عليه السلام) وأهل البيت، وكان أهل المدينة يستقبلون كل يوم إلى قبا وينصرفون، فأسس بقبا مسجدهم.
وخرج يوم الجمعة وقدم إلى المدينة، فتعلق الناس بزمام الناقة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة، فعلى باب من بركت فأنا عنده. فأطلقوا زمامها وهي تهف في السير حتى دخلت المدينة، فبركت على باب دار أبي أيوب الأنصاري، ولم يكن في المدينة أفقر منه، فانقطعت قلوب الناس حسرة على مفارقة النبي (صلى الله عليه وآله). فنادى أبو أيوب: يا أماه افتحي الباب فقد قدم سيد البشر وأكرم ربيعة ومضر محمد المصطفى والرسول المجتبى. فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء، فقالت: وا حسرتاه ليت كان لي عين انظر بها إلى وجه سيدي رسول الله.

(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»