فصل في هجرته (صلى الله عليه وآله) روي أنه لما مات عمه أبو طالب (رضي الله عنه) طالت قريش على المسلمين وكثر عتوهم، فأمر (صلى الله عليه وآله) عند ذلك بالهجرة، فقال لأصحابه: إن الله قد جعل لكم دارا وإخوانا تأمنون بها. فخرجوا إرسالا حتى لم يبق مع النبي (صلى الله عليه وآله) إلا علي (عليه السلام) وأبو بكر. فحذرت قريش خروجه وعلموا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب - يتشاورون في أمره (عليه السلام)، فتمثل إبليس لعنه الله في صورة شيخ من أهل نجد فقال: أنا ذو رأي حضرت لمؤازرتكم.
فقال عروة بن هشام: نتربص به ريب المنون.
فقال أبو البختري (1): أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه.
وقال العاص بن وائل وأمية وأبي ابنا خلف: نبني له علما (2) نستودعه فيه ولا يخلص من الصباة [فيه] إليه أحد.
فقال عتبة وشيبة وأبو سفيان: نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه كتافا وشدا ثم يصقع (3) البعير بأطراف الرماح فيوشك أن يقطعه بين الدكادك (4) إربا إربا.
$ رسول الله (صلى الله عليه وآله) / هجرته فقال أبو جهل: أرى لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة فينتدب من كل قبيلة منها رجل نجد يأتونه بياتا فيذهب دمه في قبائل قريش جميعها فلا يستطيع بنو هاشم وبنو عبد المطلب مناهضة قريش فيه، فيرضون بالعقل.