إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.
فإن قال المعترض: نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها، ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمد (عليه السلام) فإن من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أن يكون اسم أبيه مواطئا لاسم أب النبي (ص) هكذا به صرح الحديث النبوي على ما أوردوه، وهذه الصفة لم توجد فيه، فإن اسم أبيه الحسن واسم أب النبي (ص) عبد الله وأين الحسن من عبد الله؟
فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة، وإذا لم يوجد جزء العلة لا يثبت حكمها، فإن الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام، إذ النبي (ص) لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلك الصفات فيه كلها التي جزؤها مواطاة اسمي الأبوين في حقه، وهذه لم تجتمع في الحجة الخلف، فلا تثبت تلك الأحكام له وهذا إشكال قوي.
فالجواب: لابد قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبتني عليهما الغرض:
الأول: إنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى: * (ملة أبيكم إبراهيم) * (1) وقال تعالى حكاية يوسف (عليه السلام): * (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحق) * (2) ونطق بذلك النبي (ص) في حديث الإسراء أنه قال: قلت: (من هذا؟) قال:
أبوك إبراهيم (3).
فعلم أن لفظة الأب تطلق على الجد وإن علا. فهذا أحد الأمرين.