فجوابه: إن رسول الله (ص) لما وصف المهدي (عليه السلام) بصفات متعددة من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمة (عليها السلام) وإلى عبد المطلب، وأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف، وعدد الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفا وجعلها علامة ودلالة على أن الشخص الذي يسمى بالمهدي وثبتت له الأحكام المذكورة وهو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ثم وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره، فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام له وأنه صاحبها وإلا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ولا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في نصبها علامة ودلالة من رسول الله (ص) وذلك ممتنع.
فان قال المعترض: لا يتم العمل به بالعلامة والدلالة إلا بعد العلم باختصاص من وجدت فيه بها دون غيره وتعينه لها، فأما إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحكم له بالدلالة ونحن نسلم أنه من زمن رسول الله (ص) إلى ولادة الخلف الصالح الحجة محمد (عليه السلام) ما وجد من ولد فاطمة (عليه السلام) شخص جمع تلك الصفات التي هي العلامة والدلالة غيره، لكن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال ونزول عيسى بن مريم (عليه السلام)، وذلك سيأتي بعد مدة مديدة ومن الآن إلى ذلك الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمة (عليها السلام) كثرة يتعاقبون ويتوالدون إلى ذلك الإيان فيجوز أن يولد من السلالة الطاهرة والعترة النبوية من يجمع تلك الصفات فيكون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذكورة، ومع هذا الاحتمال والإمكان كيف يبقى دليلكم مختصا بالحجة محمد المذكور (عليه السلام).
فالجواب: أنكم إذا عرفتم أنه إلى وقت ولادة الخلف الصالح وإلى زماننا هذا لم يوجد من جمع تلك الصفات والعلامات بأسرها سواه فيكفي ذلك في ثبوت تلك الأحكام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه، وما ذكرتموه من احتمال أن