مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٤٤١
فتغافل عنه (1) ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ فيها وأمره أن يبعث من يحضر جعفرا ففعل، فلما أتاه قال له: يا أبا عبد الله اذكر الله فإنه أرسل إليك إلى ما لا دافع له غير الله.
قال جعفر: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ثم إن الربيع أعلم المنصور بحضوره، فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ وقال: أي عدو الله اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك.
فقال له: (يا أمير المؤمنين إن سليمان (عليه السلام) أعطى فشكر وإن أيوب (عليه السلام) ابتلى فصبر وإن يوسف (عليه السلام) ظلم فغفر فأنت من ذلك السنخ).
فلما سمع المنصور كلامه قال له: إلي وعندي أبا عبد الله أنت البرئ الساحة، السليم الناحية، القليل الغايلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده، فأجلسه معه على فراشه ثم قال: علي بالطيب فاتى بالغالية (2)، فجعل يغلف لحية جعفر بيده حتى تركها تقطر ثم قال:
في حفظ الله وكنفه، ثم قال: يا ربيع إلحق أبا عبد الله جائزته وكسوته.
انصرف أبا عبد الله في حفظه، فانصرف.
قال الربيع: ولحقته فقلت له: إني رأيت قبلك ما لم تره، ورأيت بعدك ما رأيته، فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت؟
قال: قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، وأكنفني بركنك الذي لا يرام، وأغفر لي بقدرتك علي، فلا أهلك وأنت رجائي، اللهم إنك أكبر وأجل مما أخاف وأحذر، اللهم بك أدفع في نحره، وأستعيذ بك من شره، ففعل الله بي ولي

١ - في نسخة (ع) زيادة: الربيع.
٢ - الغالية: هو نوع من الطيب، مركب من مسك وعنبر وعود ودهن. لسان العرب ١٥: ١٣٤.
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 446 447 ... » »»