فانطلق الرجل فأتبعه رجلا ودعاه فتلا عليه الآية (ان الحسنات يذهبن السيئات) فقال: يا رسول الله هذا له خاصة؟ قال: لا بل للناس كافة (18).
ونذكر بما قلناه ان الداعية يصبر ويتسامح ويتجاوز ويفتح باب التوبة والإنابة ويتلو على الرجل المخالف آية لا تقنطه بل تعطيه الرجاء ما دام لم يقترف بما يوجب توقيع الحد عليه - لماذا؟
لان محمدا يعرف ان هؤلاء سلخوا من عمرهم شطرا كبيرا في مجتمع تستعر فيه علاقة الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر على السواء وان هذا النسق من السلوك لن يختفي في عقد من السنين ولا ان الفاعلين في ذاك المجتمع سيقلعون لمجرد سماع موعظة بليغة!
وتتكرر المخالفات من افراد ذلك المجتمع فلا يقابلها محمد الا بمزيد من سعة الصدر والعفو:
- (حدثنا سليمان التميمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود ان رجلا أصاب من امرأة قبلا فأتى النبي - ص - فذكر ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية (أقم الصلاة... إلى اخر الآية) فقال الرجل إلى هذه؟ قال : لمن عمل بها من أمتي) (19).
ان محمدا أدرك ان الجنوح مستمر وسلسلة الأخطاء والخطايا ممتدة وان القاعدة الشعبية العريقة واقعة لا محالة تحت سلطان الأعراف والقيم والتقاليد التي درجت وشبت وشابت عليها وان من الأصلح فتح باب التوبة فقرأ عليهم آية تخبرهم ان إقامة الصلاة والاتيان بالحسنات يمحوان تلك الآثام التي يمارسونها في سهولة ويسر باعتبار انها جزء من نمط الحياة الذي يحبونه.