ثالثا؟ روح الكون الغريبة:
ليس الكون كسلة المهملات، وانما هو منطو على روح غريبة. وهذه الروح لا يمكن أن تصدر إلا عن عقل قام بخلق الكون، ويقوم بتدبيره.
وليس من الممكن أن يوجد نظام وروح في عملية مادية عمياء، حدثت اتفاقا، فالكون متوازن، ومتناسب إلى حد لا يمكن تصوره. لقد قال شادفاش Chadvalsh: ان من الممكن أن نسأل أي رجل؟ مؤمنا بالله كان أو منكر له؟ نسأله ان يثبت كيف يمكن ان يكون هذا التوازن في صالحه، إذا كان الكون قد وجد بمحض الصدفة؟ (1).
لابد للحياة فوق الأرض من أحوال كثيرة، يستحيل اجتماعها بنسبها الخاصة رياضيا.
ولكننا نجد أن هذه الحالات المستحيل اجتماعها رياضيا موجودة على سطح الأرض فعلا.
وذلك يحتم علينا أن نؤمن بأن هنالك طاقة عظيمة عاقلة وراء الكون، هي المتسببة في وجود هذه الحالات.
* * * التوازن المدهش في الأرض الأرض أهم عالم عرفناه، إذ توجد فيها أحوال لا توجد في شئ من هذا الكون الواسع، وهي في ضخامتها (كما تبدو لنا) لا تساوي ذرة من هذا الكون العظيم، ولو أن حجمها كان أقل أو أكثر، مما هي عليه الآن لاستحالت الحياة فوقها، فلو أنها كانت في حجم القمر مثلا، بأن كان قطرها ربع قطرها الموجود فعلا. لكانت جاذبيتها سدس جاذبيتها الحالية، ونتيجة لذلك لا يمكن أن تمسك الماء والهواء من حولها، كما هي الحال في القمر، الذي لا يوجد فيه ماء ولا يحوطه غلاف هوائي، لضعف قوة الجاذبية فيه. وانخفاض الجاذبية في الأرض إلى مستوى جاذبية القمر سيترتب عليها اشتداد البرودة ليلا حتى يتجمد كل ما فيها، واشتداد الحرارة نهارا حتى يحترق كل ما عليها.
وكذلك يترتب على نقص حجم الأرض إلى مستوى حجم القمر أنها لن تمسك مقدارا كبيرا من الماء. وكثرة الماء أمر ضروري لاستمرار الاعتدال الموسمي على الأرض، ومن ثم أطلق أحد العلماء على هذه العملية لقب عجلة التوازن العظيمة Great Balance Wheel (2) وكذلك سيرتفع الغلاف الهوائي للأرض في الفضاء ثم يتلاشى. ويتبع ذلك أن تبلغ درجة حرارة الأرض أقصى معدلها، ثم تنخفض إلى أدنى درجاتها، على ما سبق ذكره.
وعلى العكس من ذلك، إذا كان قطر الأرض ضعف قطرها الحالي لتضاعفت جاذبيتها