التشريع، وعناصره الأساسية، وتحديد الدين لمفهوم الجريمة، وعلاقة القانون بالأخلاق، وبالفرد، وبالعدل.
ولا يفوته ان يتحدث عن بعض مشكلات الحضارة الحديثة، كمشكلة المراة، والتمدن، والملكية، مقارنا في كل ذلك نظام الاسلام بنظامي الحكم المعاصرين: الرأسمالية والشيوعية.
ويأتي أخيرا حديثه عن مستقبل هذا العالم الاسلامي، وما ينشده أبناؤه من أهداف سامية، وما ينبغي ان يكون لهم من رسالة في هذا العالم الحائر، بين مذاهب الالحاد الواهية المتهاوية، ودين الفطرة الذي جعله الله ختام الأديان، وجعل نبيه خاتم المرسلين، مبينا كيف أدى الالحاد في المجتمعات الأوربية إلى التحلل، والتمزق الأسري، وتكون طبقات من المجرمين والشواذ، وانتشار أعصى الأمراض النفسية والعصبية، جراء الحرمان من الايمان بالله، خالقنا ومالكنا، ويختار لختام كتابه كلمة قبسها عن الأستاذ كريسي موريسون، إذ قال: إن الاحتشام، والاحترام، والسخاء، وعظمة الاخلاق، والقيم والمشاعر السامية، وكل ما يمكن اعتباره نفحات إلهية لا يمكن الحصول عليها من طريق الالحاد، فالالحاد نوع من الأنانية حيث يجلس (الانسان) على كرسي (الله).
(لسوف تقضي هذه الحضارة بدون العقيدة والدين).
(سوف يتحول النظام إلى فوضى).
(سوف ينعدم التوازن وضبط النفس والتمسك).
(سوف يتفشى الشر في كل مكان).
(انها لحاجة ملحة ان نقوي من صلتنا وعلاقتنا بالله).
فهذا هو منهج الكتاب في ايجاز شديد، وهو منهج يشدني إلى ملاحظة هامة أحب ان أضعها بين يدي القارئ. ذلك أن خطوات هذا المنهج، بنفس الترتيب تكاد تكون طبق الأصل من كتاب أخرجته من قبل مترجما عن الفرنسية، هو كتاب (الظاهرة القرآنية)، للمفكر الجزائري مالك بن نبي، وهي ملاحظة غريبة في المنهج، لا تنصرف إلى مادة الكتابين، لان المؤلفين مختلفان في عقليتهما، وثقافتهما، وطريقة معالجتهما لهذه القضايا الدقيقة، حتى اني أكاد اقطع بان المحاولتين من حيث المصادر والمادة والأسلوب متباعدتان تماما، إحداهما عن الأخرى، بعد ما بين الجزائر والهند، ولم يحدث ان التقى الرجلان في صعيد واحد، فيما اعلم. وتفسير هذا التوافق ينحصر في توارد الأفكار على مشكلة واحدة.
بيد ان ذلك لا يمنعني من أن أقر ان كلا الكتابين صادر عن نفس الإحساس بضرورة