عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٨٣
غلق الحوانيت ليلا ونهارا وانقضى العام بحوادثه ومعظمها مستمر فمنها وهو أعظمها شدة الأذية والضيق وخصوصا بذوي البيوت والمساتير من الناس بسبب قطع ايرادهم وارزاقهم من الفائظ والجامكية السائرة والرزق الاحباسية وضبط الانوال التي تقدم ذكرها وكان يتعيش منها ألوف من العالم ولما اشتد الضنك بالملتزمين وتكرر عرضحالهم فأمر لهم بصرف الثلث وتحول المصرفجي على بعض الجهات فكان كلما اجتمع لديه قدر يلحقه الطلب بحوالة من لوازم عساكر السفر المجردين وانقضى العام وأكثر الناس لم يحصل على شي وذلك لكثرة المصاريف والارساليات من الذخائر والغلال والمؤن وخزائن المال من أصناف خصوص الريال الفراسنة والذهب البندقي والمحبوب الاسلامي بالأحمال وهي الأصناف الرائجة بتلك النواحي واما القروش فلا رواج لها الا بمصر وضواحيها فقط أخبرني أحد أعيان كتاب الخزينة عن اجرة حمل الذخيرة على جمال العرب خاصة في مرة من المرات خمسة وأربعين الف فرانسة وذلك من الينبع إلى المدينة حسابا عن اجرة كل بعير ستة فرانسة يدفع نصفها أمير الينبع والنصف الآخر يدفعه أمير المدينة عند وصول ذلك ثم من المدينة إلى الدرعية ما يبلغ المائة والأربعين الف فرانسة وهو شيء مستمر التكرر والبعوث ويحتاج إلى كنوز قارون وهامان واكسير جابرين حيان و منها العمارة التي امر بانشائها الباشا المشار اليه بين السورين وحارة النصارى المعروفة بخميس العدس المتوصل منها إلى جهة الخرنفش وذلك بإشارة أكابر نصارى الإفرنج ليجتمع بها أرباب الصنائع الواصلون من بلاد الإفرنج وغيرهم وهي عمارة عظيمة ابتدؤا فيها من العام الماضي واستمروا مدة في صناعة الآلات الأصولية التي يصطنع بها اللوازم مثل السند الات والمخارط للحديد والقواديم والمناشير والتزجات ونحو ذلك وافردوا لكل حرفة وصناعة مكانا وصناعا يحتوي المكان على الانوال والدواليب والآلات الغريبة الوضع والتركيب لصناعة القطن وأنواع
(٥٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 ... » »»