عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٣
على الناس بزيادة نصف أو نصفين في كل رطل وذهب إلى بولاق و مصر القديمة فاستخرج منهما سمنا كثيرا ومعظم ذلك في مخازن العسكر فإن العسكر كانوا يرصدون الفلاحين وغيرهم فيأخذونه منهم بالسعر المفروض هو مائتان وأربعون في العشرة منه ثم يبيعونه على المحتاجين اليه بما أحبوا من الزيادة الفاحشة فلم يراع جانبهم واستخرج مخباتهم قهرا عنهم ومن خالف عليه منهم ضربه واخذ سلاحه ونكل به وذهب في بعض الأوقات إلى بولاق فأخرج من حاصل ببعض الوكائل ثلاثمائة وخمسين ماعونا لكبير من العسكر فحضر اليه بطائفته فلم يلتفت اليه ووبخه وقال له أنتم عساكر لكم الرواتب والعلائف واللحوم والاسمان وخلافها ثم تحتكرون أيضا اقوات الناس وتبيعونها عليهم بالثمن الزائد وأعطاه الثمن المفروض وحمل المواعين على الجمال إلى الأمكنة التي أعدها لها عند باب الفتوح وعندما رأى أرباب الحوانيت الجد وعدم الاهمال والتشديد عليهم فتح المعلق منهم حانوته وأظهروا مخباتهم امامهم وملؤا السدريات والطسوت من السمن وأنواع الجبن خوفا من بطش المحتسب وعدم رحمته بهم ويقف بنفسه على باعة البطيخ والقاوون وفي منتصف شهر رمضان وصلوا برمة إبراهيم بك الكبير من دنقلة وذلك أنه لما وصل خبر موته استأذنت زوجته أم ولده الباشا في ارسالها امرأة تدعى نفيسة لإحضار رمته فأذن بذلك وأعطى المتسفرة فيما بلغنا عشرة أكياس وكتب لها مكاتبات لكشاف الوجه القبلي بالمساعدة وسافرت وحضرت به في تابوت وقد جف جلده على عظمه لنحافته وذلك بعد موته بنحو ستة شهور وعملوا له مشهدا وامامه كفارة ودفنوه بالقرافة الصغرى عند ابنه مرزوق بك وفي ليلة الخميس سابع عشره طلب المحتسب حجاجا الخضري الشهير بنواحي الرميلة فأخذه إلى الجمالية شنقه على السبيل المجاور لحارة المبيضة وذلك في سادس ساعة من الليل وقت السحور وتركوه معلقا لمثلها من الليلة القابلة ثم اذن برفعه فاخذه أهله ودفنوه وحجاج هو
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»