عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٢
وشقوا من وسط المدينة وخرجوا بها من باب زويلة على الدرب الأحمر وذهبوا بها إلى قراميدان وهرولت الناس والصبيان للفرجة عليها وذهبوا خلفها وازدحموا في الأسواق لرؤيتها وكذلك العسكر والدلاة ركبانا ومشاة وعلى ظهر الفيل الكبير مقعد من خشب واستهل شهر رمضان بيوم الثلاثاء 1232 و عملت الرؤية تلك الليلة وركب المحتسب وكذا مشايخ الحرف كعادتهم واثبتوا رؤية الهلال تلك الليلة وكان عسر الرؤية جدا وفي صبح ذلك اليوم عزل عثمان آغا الورداني من الحسبة وتقلدها مصطفى كاشف كرد وذلك لما تكرر على سمع الباشا افعال الوقة وانحرافهم وقلة طاعتهم وعدم مبالاتهم بالضرب والايذاء وخزم أنوف والتجريس قال في مجلس خاصته لقد سرى حكمي في الأقاليم البعيدة فضلا عن القريبة وخافني العربان وقطاع الطريق وغيرهم خلاف سوقه مصر فأنهم لايرتدعون بما يفعله فيهم ولاة الحسبة من الإهانة والايذاء فابدلهم من شخص يقهرهم ولا يرحمهم ولا يهملهم فوقع اختياره على مصطفى كاشف كرد هذا فقلده ذلك اطلق له الاذن فعند ذلك ركب في كبكبة وخلفه عدة من الخيالة وترك شعار المنصب من المقدمين والخدم الذين يتقدمونه وكذلك الذي امامه بالميزان ومن بأيديهم الكرابيج لضرب المستحق والمنقص في الوزن وبات يطوف على الباعة ويضرب بالدبوس هشما بأدنى سبب ويعاقب بقطع شحمة الأذن فأغلقوا الحوانيت ومنعوا وجود الأشياء حتى ما جرت به العادة في رمضان من عمل الكعك والرقاق المعروف بالسحير وغيره فلم يلتفت لامتناعهم وغلقهم الحوانيت وزاد في العسف ولم يرجع عن سعيه واجتهاده ولازم على السعي والطواف ليلا ونهارا لا ينام الليل بل ينام لحظة وقت ما يدركه النوم في أي مكان ولو على مصطبة حانوت واخذ يتفحص على السمن والجبن ونحوه المخزون في الحواصل ويخرجه ويدفع ثمنه لأربابه بالسعر المفروض و يوزعه لأرباب الحوانيت ليبيعوه
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 ... » »»