عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٨
وفلاحين ومن سائر الأجناس ورجع الكثير من المسافرين على بحر القلزم إلى الحجاز من السويس لقلة المراكب التي تحملهم وغصت المدينة من كثرة الزحام زيادة على ما بها من ازدحام العساكر واخلاط العالم من فلاحي القرى المشيعين والمسافرين ومن يرد من الآفاق والبلاد الشامية ونصارى الروم والأرمن والدلاة والواردين والذين استدعاهم الباشا من الدروز والمتاولة والنصيرية وغيرهم لعمل الصنائع والمزارع وشغل الحرير وما استجده بوادي الشرق حتى أن الانسان يقاسي الشدة والهول إذا مر بالشارع من كثرة الازدحام ومرور الخيالة وحمير الأوسية والجمال التي تحمل الأتربة والانقاض والأحجار لعمائر الدولة سوى ما عداها من حمول الأحطاب والبضائع والتراسين حتى الزحمة في داخل العطف الضيقة وزيادة على ذلك كثرة الكلاب بحيث يكون في القطعة من الطريق نحو الخمسين ثم صياحها ونباحها المستمر وخصوصا في الليل على المارين وتشاجرها مع بعضها مما يزعج النفوس ويمنع الهجوع وقد أحسن الفرنساوية بقتلهم الكلاب فإنهم لما استقروا وتكرر مرورهم ونظروا إلى كثرة الكلاب من غير حاجة ولا منفعة سوى الهبهبة والعواء وخصوصا عليهم لغرابة اشكالهم فطاف عليها طائف منهم باللحم المسموم فما أصبح النهار الا وجميعها موتى مطروحة بجميع الشوارع فكان الناس والصغار يسحبونها كذا بالحبال إلى الخلاء واستراحت الأرض ومن فيها منها فالله يكشف عنها مطلق الكرب في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه واستهل شهر ذي القعدة سنة 1232 وفي خامسه يوم الأربعاء وليلة الخميس ارتحل ركب الحجاج المغاربة من الحصوة وفي أواخره حصل الامر للفقهاء بالأزهر بقراءة صحيح البخاري فاجتمع الكثير من الفقهاء والمجاورين وفرقوا بينهم اجزاء وكراريس من البخاري يقرؤون فيها في مقدار ساعتين من النهار بعد الشروق فاستمروا
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»