عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٩١
وبين أهل البلدة عداوة قديمة اوثارات يخلصونها منهم وفيهم من يظهر التأسف والندم واللوم على المعتدين ويسفه رأيهم وهو المحروم الذي غاب على ذلك وبالجملة فكل ذلك تقادير الهية وقضايا سماوية ونقمة حلت بأهل الإقليم وأهله من كل ناحية نسأل الله العفو والسلامة وحسن العاقبة ومما اتفق أن بعض الناس زاد بهم الوهم فنقل ماله من حانوته أو حاصله الكائن ببعض الوكائل والخانات إلى منزله أو حرز آخر فسرقها السراق وحانوته أو حاصله لم يصبه ما أصاب غيره وتعدد نظير ذلك لاشخاص كثيرة وذلك من فعل أهل البلدة يراقبون بعضهم بعضا ويداورنوهم في أوقات الغفلات في مثل هذه الحركات ومنهم من اتهم خدمة واتباعه وتهددهم وشكاهم إلى حكام الشرطة ويغرم مالا على ذلك أيضا وهم بريئون ولا يفيده الا ارتكاب الاثم والفضيحة وعداوة الأهل والخدم وزيادة الغرم وغالب ما بأيدي التجار أموال الشركاء والودائع والرهونات ويطالبه أربابها ومنهم قليل الديانة وذهب من حانوته أشياء وبقي أشياء فادعى ضياع الكل لقوة الشبهة واستهل شهر شوال بيوم الثلاثاء سنة 1230 وهو يوم عيد الفطر وكان في غاية البرودة والخمول عديم البهجة من كل شئ ولم يظهر فيه علامات الأعياد الا فطر والضائمين ولم يغير أحد ملبوسه بل ولافصل ثيابا مطلقا ولا شيئا جديدا ومن تقدم له ثوب وقطعة وفصلة في شعبان تأخر عند الخياط مرهونا على مصاريفه ولوازمه لتعطيل جمع الأسباب من بطانة وعقادة وغيرها حتى أنه إذا مات ميت لم يدرك أهله كفنه الا بمشقة عظيمة وكسد في هذا العيد سوق الخياطين وما أشبههم من لوازم الأعياد ولم يعمل فيه كعك ولا شريك ولاسمك مملح ولا نقل ولم يخرجوا إلى الجبانات والمدافن أيضا كعادتهم ولا نصبوا خياما على المقابر ولم يحسن في هذه الحادثة الا امتناع هذه الأمور وخصوصا خروج النساء إلى المقابر فإنه لم يخرج منهن الا بعض حرافيشهن على تخوف ووقع
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»