عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٨٧
وأرباب الاقطاعات لشدة نكايتهم من الباشا بضبط الرزق والالتزامات وقياس الأراضي وقطع المعايش وذلك من سوء تدبير العسكر وسعادة الباشا وحسن سياسته باستجلايه الخواطر وتملقه بالكلام اللين والتصنع ويلوم على فعل العسكر ويقول بمسمع الحاضرين ما ذنب الناس معهم خصوصا خصامهم معي أو مع الرعية ها انا لي منزل بالازبكية فيه أموال وجواهر وأمتعة وأشياء كثيرة وسراية ابني إسماعيل باشا ببولاق ومنزل الدفتردار ة ونحو ذلك ويتحسبل ويحوقل ويعمل فكرته ويدبر امره في امر العسكر وعظمائهم وينقم عليهم ويعطيهم الأموال الكثيرة والأكياس العديدة لأنفسهم وعساكرهم وتنتبذ طائفة منهم ويقولون نحن لم ننهب ولم يحصل لنا كسب فيعطهم ويفرق فيهم المقادير العظيمة فأنعم على عابدين بك بألف كيس وبغيره دون ذلك وفي أثناء ذلك اخرج جردة من عسكر الدلاة ليسافروا إلى الديار الحجازية فبرزوا إلى خارج باب الفتوح حيث المكان المسمى بالشيخ قمر ونصبوا هناك وطاقهم وخرجت احمالهم وأثقالهم وفي ليلة الخميس ثارت طائفة الطبجية وخاضوا وضجوا وهم نحو الأربعمائة وطلبوا نفقة فأمر لهم بخمسة وعشرين كيسا ففرقت فيهم فسكتوا وفي يوم الخميس المذكور نزل كتخدا بك وشق من وسط المدينة ونزل عند جامع الغورية وجلس فيه ورسم لأهل السوق بفتح حوانيتهم وان يجلسوا فيها فامتثلوا وفتحوا الحوانيت وجلسوا على تخوف كل ذلك مع عدم الراحة والهدو وتوقع المكروه والتطير من العسكر وتعدى السفهاء منهم في بعض الأحايين والتحرز والاحتراس واما النصارى فإنهم حصنوا مساكنهم ونواحيهم وحاراتهم وسدوا المنافذ وبنوا كرانك واستعدوا بالأسلحة والبنادق وأمدهم الباشا بالبارود وآلات الحرب دون المسلمين حتى أنهم استأذنوا كتخدا بك في سد بعض الحارات النافذة التي يخشون وقوع الضرر منها فمنع من ذلك واما النصارى فلم يمنعهم وقد تقدم ذكر فعله مع رضوان كاشف عندما سد باب داره وفتحه من جهة
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»