فمنهم من كظم غيظه وفي نفسه ما فيها ومنهم من لم يطق الكتمان وبارز بالمخالفة والتسلط على من لاجناية عليه فلذلك الباشا اعلن في ديوانه بهذا الكلام بمسمع منهم لتسكن حدتهم وتبرد حرارتهم إلى أن يتم امر تدبيره معهم وفيه وصلت الهجانة واخبار ومكاتبات من الديار الحجازية بوقوع الصلح بين طوسون باشا وعبد الله بن مسعود الذي تولى بعد موت أبيه كبيرا على الوهابية وان عبد الله المذكور ترك الحروب والقتال واذعن للطاعة وحقن الدماء وحضر من جماعة الوهابية نحو العشرين نفرا من الانفار إلى طوسون باشا ووصل منهم اثنان إلى مصر فكأن الباشا لم يعجبه هذا الصلح ولم يظهر عليه علامات الرضا بذلك ولم يحسن نزل الواصلين ولما اجتمعا به وخاطبهما عاتبهما على المخالفة فاعتذرا وذكرا أن الأمير مسعودا المتوفي كان فيه عناد وحدة مزاج وكان يريد الملك وإقامة الدين واما ابنه الأمير عبد الله فإنه لين الجانب والعريكة ويكره سفك الدماء على طريقة سلفه الأمير عبد العزيز المرحوم فإنه كان مسالما للدولة حتى أن المرحوم الوزير يوسف باشا حين كان بالمدينة كان بينه وبينه غاية الصداقة ولم يقع بينهما منازعة ولا مخالفة في شئ ولم يحصل التفاقم والخلاف الا في أيام الأمير مسعود ومعظم الامر للشريف غالب بخلاف الأمير عبد الله فإنه أحسن السير وترك الخلاف وامن الطرق والسبل للحجاج والمسافرين ونحو ذلك من الكلمات والعبارات المستحسنات وانقضى المجلس وانصرفا إلى المحل الذي امرا بالنزول فيه ومعهما بعض أتراك ملازمون لصحبتهما مع اتباعهما في الركوب والذهاب والاياب فإنه اطلق لهما الاذن إلى اي محل اراده فكانا يركبان ويمران بالشوارع بأتباعهما ومن يصحبهما ويتفرجان على البلدة و أهلها ودخلا إلى الجامع الأزهر في وقت لم يكن به أحد من المتصدرين لاقراء والتدريس وسألوا عن أهل مذهب الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن الكتب الفقهية المصنفة في مذهبه فقيل انقرضوا
(٤٩٣)