عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٨٦
وارساله إلى القلعة وركبوا وشقوا بشوارع المدينة وامامهم المناداة بالأمان واحضر الباشا المعمار وأمره بجمع النجارين والمعمرين واشغالهم في تعمير ما تكسر من أخشاب الدكاكين والأسواق ويدفع لهم اجرتهم وكذلك الأخشاب على طرف الميري واستهل شهر رمضان بيوم الاثنين سنة 1230 والناس في امر مريج وتخوف شديد وملازمون للسهر على الكرانك ويتحاشون المشي والذهاب والمجىء وكل أهل خطة ملازم لخطته وحارته وكل وقت يذكرون وينقلون بينهم روايات وحكايات ووقائع مزعجات وتطاولت أيدي العساكر بالتعدي والأذية والفتك والقتل لمن ينفردون به من الرعية وفي ثاني ليلة طلع السيد محمد المحروقي وطلع صحبته الشيخ محمد الدواخلي نقيب الاشراف وابن الشيخ العروسي وابن الصاوي المتعينون في مشيخة الوقت وصحبتهم شيخ الغورية وطائفته قد ابتدؤا بهم في املاء ما نهب لهم من حوانيتهم بعدما حرروها عند السيد محمد المحروقي وتحليفهم بعد الاملاء على صدق داعواهم وبعد التحليف والمحاققة ويتجاوز عن بعضه لحضرة الباشا ثم يثبتون له الباقي فاستقر لأهل الغورية خاصة مائة وثمانون كيسا فدفع لهم ثلثيها واخر لهم الثلث وهو ستون كيسا يستوفونها فيما بعد اما من عروضهم أن ظهر لهم منها شئ أو من الخزينة ولازم الجماعة الطلوع والنزول في كل ليلة لتحرير بواقي المنهوبات وأيضا استقر لأهل خان الحمزاوي نحو من ثلاثة آلاف كيس كذلك ولطائفة السكرية نحو من سبعين كيسا خصمت لهم من ثمن السكر الذي يبتاعونه من الباشا واستمر الباشا بالقلعة يدير أموره ويجب قلوب الناس من الرعية وأكابر دولته بما يفعله من بذل المال ورد المنهوبات حتى ترك الناس يسخطون على العسكر ويترضون عنه ولو لم يفعل ذلك وسارت العساكر هذه الثور ولم يقع منهم نهب ولا تعد لساعدتهم الرعية واجتمعت عليهم أهالي القرى
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»