عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٥
منه ويجف بالهواء بمجرد نزوله وفي أواخره ورد لحضرة الباشا هدية من بلاد الانكليز وفيها طيور مختلفة الأجناس والاشكال كبار وصغار وفيها ما يتكلم ويحاكي واله مصنوعة لنقل الماء يقال له الطلمبة وهي تنقل الماء إلى المسافة البعيدة ومن الأسفل إلى العلو ومرآة زجاج نجف كبيرة قطعة واحدة وساعة نضرب مقامات موسيقى في كل ربع يمضي من الساعة بأنغام مطربة وشمعدان به حركة غريبة كلما طالت فتيلة الشمعة غمز بحركة لطيفة فيخرج منه شخص لطيف من جانبه فيقط رأس الفتيلة بمقص لطيف بيده ويعود راجعا إلى داخل الشمعدان هذا ما بلغني ممن ادعى انه شاهد ذلك وفيه عملوا تسعيرة على المبيعات والمأكولات مثل اللحم والسمن والجبن والشمع ونادوا بنقص اسعارها نقصا فاحشا وشددوا في ذلك بالتنكيل والشنق والتعليق وحرم الآناف فارتفع السمن والزبد والزيت من الحوانيت وأخفوه وطفقوا يبيعونه في العشيات بالسعر الذي ختارونه على الزبون واما السمن فلكثرة طلبه لأهل الدولة شح وجوده وذا ورد منه شئ خطفوه واخذوه من الطريق بالسعر الذي سعره الحاكم وانعدم وجود عند القبانية وإذا بيع منه شئ بيع سرابا قصى الثمن واما السكر والصابون فبلغا الغاية في غلو الثمن وقلة الوجود لان إبراهيم باشا احتكر السكر بأجمعه الذي يأتي من الصعيد وليس بغير الجهة القبلية شئ منه فيبيعه على ذمته وهو في الحقيقة لأبيه ثم صار نفس الباشا يعطي لأهل المطابخ بالثمن الذي يعينه عليهم ويشاركهم في ربحه فزاد غلو ثمنه على الناس وبيع الرطل من السكر الصعيدي الذي كان يباع بخمسة انصاف فضة بثمانين نصفا واما الصابون ففرضوا على تجاره غرامة فامتنع وجوده وبيع الرطل الواحد منه خفية بستين نصفا وأكثر وفي هذه الأيام غلا سعر الحنطة والفول وبيع الاردب بألف ومائتي نصف فضة خلاف الكلف والأجرة مع أن الاهراء والشون ببولاق ملانة بالغلال ويأكلها السوس
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»