والهدايا من كل نوع من أكابر الدولة والنصارى بأجناسهم خصوصا الأرمن وخلافهم بكل صنف من التحف حتى السراري البيض بالحلي والجواهر وغير ذلك وأشيع في الناس في المصر وفي القرى بأنه تاب عن الظلم وعزم على إقامة العدل وانه نذر على نفسه انه إذا رجع منصورا واستولى على ارض الحجاز افرج للناس عن حصصهم ورد الازراق الاحباسية إلى أهلها وزادوا على هذه الإشاعة انه فعل ذلك في البلاد القبلية ورد كل شئ إلى أصله وتناقلوا ذلك في جميع النواحي وباتوا يتخيلونه في أحلامهم ولما مضى من وقت حضوره ثلاثة أيام كتبوا أوراقا لمشاهير الملتزمين مضمونها انه بلغ حضرة افندينا ما فعله الأقباط من ظلم الملتزمين والجور عليهم في فائظهم فلم يرض بذلك والحال انكم تحضرون بعد أربعة أيام وتحاسبون على فائظكم وتقبضونه فان افندينا لا يرضى بالظلم وعلى الأوراق امضاء الدفتردار ففرح أكثر المغفلين بهذا الكلام واعتقدوا صحته وأشاعوا أيضا انه نصب تجاه قصر شبرا خوازيق للمعلم غالي وأكابر القبط وفي رابع عشرينه حضر الكثير من أصحاب الارزاق الكائنين بالقرى والبلاد مشايخ واشرافا وفلاحين ومعهم بيارق واعلام مستبشرين وفرحين بما سمعوه وأشاعوه وذهبوا إلى الباشا وهو يعمل رماحة بناحية القبة برمي بنادق كثيرة وميدان تعليم فلما رآهم وأخبروه عن سبب مجيئهم فأمر بضربهم وطردهم ففعلوا بهم ذلك ورجعوا خائبين وفيه حضر محمود بك والمعلم غالي من سرحتهما وقابلا الباشا وخلع عليهما وكساهما والبسهما فراوي سمور فركب المعلم غالي وعليه الخلعة وشق من وسط المدينة وخلفه عدة كثيرة من الأقباط ليراه الناس ويكمد الأعداء ويبطل ما قيل من التقولات ثم أقام هو ومحمود بك أياما قليلة ورجعا لاشغالهما وتتميم افعالهما من تحرير القياس وجبي الأموال وكانا ارسلا قبل حضورهما عدة كثيرة من الجمال الحاملة للأموال في كل يوم
(٤٧٩)