عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٥٣
سجادة ومخدة في القاعة السفلى ولم يكن بها حريم يقول الفقير ذهبت اليه مرة في ظرف اليومين فوجدته جالسا على السجادة فجلست معه ساعة فدخل عليه بعض أمرائه يستأذنه في زواج احدى زوجات من مات من خشداشينة فنتر فيه وشتمه وطرده وقال لي انظر إلى عقول هؤلاء المغفلين يظنون أنهم استقروا بمصر ويتزوجوا ويتأهلوا مع أن جميع ما تقدم من حوادث الفرنسيس وغيرها أهون من الورطة التي نحن فيها الآن ولما اطلق الوزير لإبراهيم بك الكبير التصرف والبسه خلعة وجعله شيخ البلد كعادته وان أوراق التصرفات في الاقطاعات والاطيان وغيرها تكون بختمه وعلامتة اغتر هو وباقي الامراء بذلك وازدحم الديوان ببيت إبراهيم بك المرادي وعثمان بك حسن والبرديسي وتناقلوا في الحديث فذكروا ملاطفة الوزير ومحبته لهم وإقامته لناموسهم فقال المترجم لا تغتروا بذلك فإنما هي حيل ومكايد وكأنها تروج عليكم فانظروا في امركم وتفطنوا لما عساه يحصل فان سوء الظن من الحزم فقالوا له وما الذي يكون قال أن هؤلاء العثمانيين لهم السنين العديدة والأزمان المديدة يتمنون نفوذ احكامهم وتملكهم لهذا الإقليم ومضت الأحقاب وامراء مصر قاهرون لهم وغالبون عليهم ليس لهم معهم الا مجرد الطاعة الظاهرة وخصوصا دولتنا الأخيرة وما كنا نفعله معهم من الإهانة ومنع الخزينة وعدم الامتثال لأوامرهم وكل ذلك مكمون في نفوسهم زيادة على ما جبلوا عليه من الطمع والخيانة والشره وقد ولجوا البلاد الان وملكوها على هذه الصورة وتأمروا علينا فلا يهون بهم أن يتركوها لنا كما كانت بأيدينا ويرجعوا إلى بلادهم بعدما ذاقوا حلاوتها فدبروا رأيكم وتيقظوا من غفلتكم فلما سمعوا منه ذلك صادق عليه بعضهم وقال بعضهم هذا من وساوسك وقال اخر هذا لا يكون بعد ما كنا نقاتل معهم ثلاث سنوات وأشهرا بأموالنا وأنفسنا وهم لا يعرفون طرائق البلاد ولاسياستها فلا غنى لهم عنا وقال آخر غير ذلك ثم قالوا له ما رأيك الذي تراه فقال الرأي عندي أن قبلتموه
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»