عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٤٦
ومائة وقدم إلى مصر مع أبيه وأخيه السيد حسن سنة احدى وسبعين ومائة قليلة وصولهم مرض اخوه المذكور وتوفي صبح ثالث يوم فجزع والده لذلك جزعا شديدا وتشاءم به وعزم على السفر إلى مكة ثانيا ولم يتيسر له ذلك الا أواخر شوال من السنة المذكورة وبقي المترجم واشتغل بتحصيل العلوم وشراء الكتب النافعة واستكتابها ومشاركة أشياخ العصر في الإفادة والاستفادة مع مباشرة شغل تجارتهم من بيع الارساليات التي ترد اليه من أولاد أخيه من جدة ومكة وشراء ما يشترى وارساله لهم إلى أن تمرض وانقطع ببيته الذي بخطة عابدين قريبا من الأستاذ الحنفي سنة تسع ومائتين وكان عالما ماهرا واديبا شاعرا تخرج على والده وعلى غيره بمكة وعلى كثير من أشياخ العصر المتقدمين كالشيخ العشماوي والشيخ الحنفي والشيخ العدوي وغيرهم وتخرج في الأدب على والده وعلى الشيخ علي بن تاج الدين المكي وعلى الشيخ عبد الله الاتكاوي وغيرهم وله مؤلفات منها نفح الاكمام على منظومته في علم الكلام ومنها تقريره على الرملي وهو مجلد ضخم ومنها شرح بديعيته التي سماها مراقي الفرج في مدح عالي الدرج وله ديوان شعر صغير غالبه جيد وكان في مدة انقطاعه لا يشتغل بغير المطالعة وتحصيل الكتب الغريبة وقيد ولده السيد سلامة بأشغال تجارتهم وولده السيد احمد بملازمته واسماعه فيما يريد مطالعته وكانت داره في غالب الأوقات لا تخلوا من المترددين إلى أن توفي ليلة السابع والعشرين من رجب من السنة المذكورة وعمره سبع وثمانون سنة وصلى عليه بالأزهر ودفن بمقبرة أخيه بباب الوزير وخلف ولديه المذكورين وكان وجيها لطيفا محبوبا للنفوس ورعا رحمة الله تعالى عليه ومات صاحبنا الاجل المعظم والوجيه المكرم الأمير ذو الفقار البكري نسبة ونسابة وهو مملوك السيد محمد بن علي أفندي البكري الصديقي اشتراه سيده المذكور عام احدى وسبعين ومائة والف ورباه وأدبه وأعتقه وزوجه ابنته ونشأ في عز ورفاهية وسيادة وعفة وطيب خيم وعلو همة
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»