ولما توفي سيده اتحد بولده السيد محمد أفندي وهو أخو زوجته اتحادا كليا بحيث صارا كالأخوين لا يصبر أحدهما عن الآخر ساعة واحدة وسكنهما واحد في بيتهم الكبير بالازبكية ولما توفي السيد محمد أفندي اشتغل المترجم باسكني في الدار إلى أن حضر الفرنساوية فخرج مع من خرج من مصر إلى ناحية الشام ونهبت كتبه وداره ثم رجع بأمان في أيام الفرنساوية فوجد الدار قد سكنها الفرنساوية فاشترى دارا غيرها بخطة عابدين وجدد بها نظامه ولما حصلت حادثة عسكر الاروام العثمانية مع الامراء المصريين التي خرج فيها إبراهيم بك والبرديسي وأمراؤهم نهبت داره المذكورة أيضا فيما نهب فانتقل إلى ناحية الأزهر ثم سكن بحارة السبع قاعات بالأجرة واقتنى كتبا شراء واستكتابا وجمع عدة اجزاء متفرقة من تاريخ مرآة الزمان لابن الجوزي وخطط المقريزي وغيرها إلى أن اخترمته المنية ومات فجأة يوم الثلاثاء في ثاني عشرين رجب من السنة قبيل الغروب وصلى عليه في صبحها بالأزهر في مشهد حافل ودفن بتربة البكرية ظاهر قبة الإمام الشافعي وكان انسانا حسنا محبوبا لجميع الناس وجيه الذات مليح الصفات حسن المفاكهة والمعاشرة متوقد القطنة صادق الفراسة ساكن الجأش وقورا ادوبا محتشما وخلف من بعده السيد محمد المعروف بالغزاوي المرزوق له من ابنة سيده المذكور ولكونه ولده بغرة حين كانوا بالشام أنشأه الله انشاء صالحا وبارك فيه ومات الأمير الكبير والضرغام الشهير محمد بك الألفي المرادي جلبه بعض التجار إلى مصر في سنة تسع وثمانين ومائة والف فاشتراه احمد جاويش المعروف بالمجنون فأقام في بيته أياما فلم تعجبه أوضاعه لكونه كان مماجنا سفيها ممازجا فطلب منه بيع نفسه فباعه لسليم أغا الغزاوي المعروف بتمرلنك فأقام عنده شهورا ثم أهداه إلى مراد بك فأعطاه نظيره ألف اردب من الغلال فلذلك سمي الألفي وكان جميل الصورة فاحبه مراد بك وجعله جوخداره ثم اعتقه وجعله كاشفا بالشرقية وعمر دارا
(١٤٧)