عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٤
مجلس ومساطب للجلوس وتجرى منه المياه إلى المجارى المخفقة المرتفعة ومنها تنصب من مصبات من حجر إلى أحواض أسفل منها صغار وتجرى إلى مساقي المزارع وعند كل مصب منها محل للجلوس وعليه أشجار تظله وبوسطه أيضا ساقية بفوهتين تجري منها المياه أيضا والقصر يشرف على ذلك كله وحول رحبة القصر وطرق الممشاة كروم العنب والتكاعيب وأباح للناس الدخول إليها والتنزه في رياضها والتفسح في غياضها والسروح في خلالها والتفيؤ في ظلالها وسماها حديقة الصفصاف والاس لمن يريد الحظو والائتناس ونقش ذلك في لوح من الرخام وسمرة في أصل شجرة يقرؤها الداخلون إليها فأقبل الناس على الذهاب إليها للنزاهة ووردوا عليها من كل جهة وعملوا فيها قهاوي ومساقي ومفارش واتخاخا يفرشها القهوجية للعامة وقللا وأباريق واجتمع بها الخاص والعام وصار بها مغان وآلات وغواني ومطربات والكل يرى بعضهم بعضا وجعل بها كراسي للجلوس وكنيفات لقضاء الحاجة وجعل للقصر فرشا ومساند ولوازم ومخادع لنفسه ولمن يأتي اليه بقصد النزاهة من أعيان الامراء والآكابر فيبيتون به الليالي ولا يحتاجون لسوى الطعام فيأتي إليهم من دورهم وزاد بها الحال حتى امتنع من الدخول إليها أهل الحياء والحشمة وأنشأ تجاهها أيضا على يسار السالك إلى طريق الخلاء بستانا آخر على خلاف وضعها واخبرني المترجم أيضا من لفظه أنه أنشأ بستانا بناحية قبلي أعجب وأغرب من ذلك ولما حضر حسن باشا الجزايرلي إلى مصر وخرج منها أمراؤها تخلف المترجم عن مخدومه واستقر بمصر فقلدوه الامارة والصنجقية في سنة 1201 فعظمت امرته وزادت شهرته وتقلد امارة الحج مرتين ولما أوقع العثمانية بالأمراء المصرلية ما أوقعوه وانفصلوا من حبس الوزير وانضموا إلى الانكليز بالجيزة ثم انتقلوا إلى جزيرة الذهب وارتحلوا منها إلى قبلي تخلف عنهم المترجم لمرض اعتراه وحضر إلى مصر ولازم الفراش ولم يزل حتى مات في يوم الخميس سادس القعدة من السنة
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»