عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٩
هو من أعظم الأسباب في تملك الفرنسيس للثغر كما ذكر ذلك في قتلته وذلك أنه لما خرجت من مراكب الفرنساوية وعمارتهم لا يدري أحد لأي جهة يقصدون تبعهم طائفة الانكليز إلى الإسكندرية فلم يجدوهم وكانوا ذهبوا أولا إلى جهة مالطه فوقف الانكليز قبالة الإسكندرية وأرسلوا قاصدهم إلى الثغر يسألون عن خبر الفرنساوية فردهم المذكور ردا عنيفا فأخبروه الخبر على جليته وانهم اخصامهم وعلموا بخروجهم فاقتفوا أثرهم ونريد منكم أن تعطونا الماء والزاد بثمنه ونقف لهم على ظهر البحر فلا نمكنهم من العبور إلى ثغركم فلم يقبل منهم ولم يأذن في تزويدهم فذهبوا ليتزدوا من بعض الثغور فما هو الا أن غابوا في البحر نحو الأربعة أيام الا والفرنسيس قد حضروا وكان ما كان ومما سولت به نفس المترجم بارشاد بعض الفقهاء عمارة جامع عمرو ابن العاص وهو الجامع العتيق وذلك أنه لما خرب هذا الجامع بخراب مدينة الفسطاط وبقيت تلالا وكيمانا وخصوصا ما قرب من ذلك الجامع ولم يبق بها بعض العمار الا ما كان من الأماكن التي على ساحل النيل وخربت في دولة القزدغلية وأيام حسن باشا لما سكنتها عساكره ولم يبق بساحل النيل الا بعض أماكن جهة دار النحاس وفم الخليج يسكنها اتباع الامراء ونصارى المكوس وبها بعض مساجد صغار يصلى بها السواحلية والنواتية وسكان تلك الخطة من القهوجية والباعة والجامع العتيق لا يصل اليه أحد لبعده وحصوله بين الأتربة والكيمان وكان فيما أدركنا الناس يصلون به آخر جمعة في رمضان فتجتمع به الناس على سبيل التسلي من القاهرة ومصر وبولاق وبعض الامراء أيضا والأعيان ويجتمع بصحبته أرباب الملاهي من الحواة والقراداتية وأهل الملاعيب والنساء الراقصات المعروفات بالغوازي فبطل ذلك أيضا من نحو ثلاثين سنة لهدمه وخراب ما حوله وسقوط سقفه وأعمدته وميل شقته اليمنى بل وسقوطها بعد ذلك فحسن ببال المترجم هذه وتجديده بارشاد بعض
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»