لوفور عقله وسكون جاشه فاستقر بمشيخة مصر ورياستها ونائب نوابها ووزرائها وعكف مراد بك علي لذاته وشهواته وقضى أكثر زمانه خارج المدينة مرة بقصره الذي أنشأه بالروضة وأخرى بجزيرة الذهب وأخرى بقصر قايماز جهة العادلية كل ذلك مع مشاركته لإبراهيم بك في الاحكام والنقض والإبرام والايراد والاصدار ومقاسمة الأموال والدواوين وتقليد مماليكه وأتباعه الولايات والمناصب واخذ في بذل الأموال وانفاقها على أمرائه وأتباعه فانضم اليه بعض امراء على بك وغيرهم ممن مات أسيادهم كعلي بك المعروف بالملط وسليمان بك الشابوري وعبد الرحمن بك عثمان فأكرمهم وواساهم ورخص لمماليكه في هفواتهم وسامحهم في زلاتهم وحظي عنه كل جريء غشوم عسوف ذميم ظلوم فانقلبت أوضاعهم وتبدلت طباعهم وشرهت نفوسهم وعلت رؤسهم فتناظروا وتفاخروا وطمعوا في أستاذهم وشمخت آنافهم عليه وأغاروا حتى على ما في يده واشتهر بالكرم والعطاء فقصده الراغبون وامتدحه الشعراء والغاوون وأخذا الشيء من غير حقه وأعطاه لغير مستحقه ثم لما ضاف عليه المسالك ورأى أن رضا العالم غاية لا تدرك أخذ يتحجب عن الناس فعظم فيه الهاجس والوسواس وكان يغلب على طبعه الخوف والجبن مع التهور والطيش والتورط في الاقدام مع عدم الشجاعة ولم يعهد اليه انه انتصر في حرب باشرها أبدا على ما فيه من الادعاء والغرور والكبر والخيلاء والصلف والظلم والجور ولما قدم حسن باشا إلى مصر وخرج المترجم مع خشداشينه وعشيرته هاربين إلى الصعيد حتى انقضت أيام حسن باشا وإسماعيل بك ومن كان معه ورجعوا ثانيا بعد أربع سنين وشئ من الشهور من غير عقد ولا حرب تعاظم في نفسه جدا واختص بمساكن إسماعيل بك وجعل اقامته بقصر الجيزة وزاد في بنائه وتنميقه وبنى تحته رصيفا محكما وأنشأ بداخله بستانا عظيما نقل اليه أصناف النخيل والأشجار والكروم واستخلص
(٤٤٥)