عادته وعاش في خمول وضيق وخشونة ملبس وفقد رفاهية بحيث ان من يراه لا يعرف لرثائه ثيابه وكان مهذبا حسن المعاشرة جميل الخلق والنادرة مطبوعا فيه صلاح وتواضع ونزل مؤقتا في مسجد عبد الرحمن كتخدا الذي أنشأه تجاه باب الفتوح بمعلوم قدره ثمانية انصاف يتعيش بها مع ما برد عليه من بعض الفقهاء والعامة الذين يحتاجون اليه في مراجعة المسائل والفتاوي فلما خرب المسجد المذكور في حادثة الفرنسيس وجهات اوقافه انقطع عنه ذلك المعلوم وكان ذا عائلة ومع ذلك لا يسأل شيأ ولا يظهر فاقة توفي في يوم الأحد حادي عشرين جمادى الآخرة من السنة عن خمس وسبعين سنة تقريبا رحمه الله ومات الأمير مراد بك محمد مات بسهاج قادما إلى مصر باستدعاء الفرنسيس ودفن بها عند الشيخ العارف وكان موته رابع شهر الحجة كما تقدم وهو من مماليك محمد بك أبي الذهب ومحمد بك مملوك علي بك وعلي بك مملوك إبراهيم كتخدا الفازدغلي اشترى محمد بك مراد بك المذكور في سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف وذلك في اليوم الذي قتل فيه صالح بك الكبير فأقام في الرق أياما قليل أعقه وأمره وأنعم عليه بالاقطاعات الجليلة وقدمه على أقرانه وتزوج بالست فاطمة زوجة الأمير صالح بك وسكن داره العظيمة بخط الكبش ولما مات علي بك تزوج بسريته أيضا وهي ألست نفيسة الشهيرة الذكر بالخير ولما انفرد محمد بك بأمارة مصر كان هو وإبراهيم بك أكبر أمرائه المشار اليهما دون غيرهما فلما سافر محمد بك إلى الديار الشامية محاربا للظاهر عمر أقام عوضه في امارة مصر إبراهيم بك وأخذ صحبته مراد بك وباقي أمرائه فلما مات محمد بك بعكا اجتمع أمراؤه على رأى مماليكه في رآسه مراد بك فتقدم وقدمه عليهم وحملوا جثة سيدهم وحضروا بأجمعهم إلى مصر فاتفق رأي الجميع على امارة من استخلفه سيدهم وقدمه دون غيره وهو إبراهيم بك ورضى الجميع بتقدمه ورياسته
(٤٤٤)