صحبة الوزير فلم يسع إبراهيم بك وحسن بك ترك جماعتهما خلفهما وذهابهم بأنفسهم إلى قبلي بل رجعا بجماعتهما على اثرهما وذاقوا وبال أمرهم وانكشف الغبار عن تعسة المسلمين وخيبة امل الذاهبين والمتخلفين وما استفاد الناس من هذه العمارة وما جرى من الغارة الا الخراب والسخام والهباب فكانت مدة الحرب والحصر بما فيها من الثلاثة أيام الهدنة سبعة وثلاثين يوما وقع بها من الحروب والكروب والانزعاج والشتات والهياج وخراب الدور وعظائم الأمور وقتل الرجال ونهب الأموال وتسلط الأشرار وهتك الأحرار وخصوصا ما أوقع الفرنساوية بالناس بعد ذلك مما سيتلى عليك بعضه وخرب في هذه الواقعة عدة جهات من أخطاط مصر الجليلة مثل جهة الازبكية الشرقية من حد جامع عثمان والفوالة وحارة كتخدا رصيف الخشاب وخطة الساكت إلى بيت سارى عسكر بالقرب من قنطرة الدكة وكذلك جهة باب الهواء إلى حارة النصارى من الجهة القبلية وأما بركة الرطلي وما حولها من الدور والمنتزهات والبساتين فإنها صارت كلها تلالا وخرائب وكيمان اتربة وقد كانت هذه البركة من اجل منتزهات مصر قديما وحديثا وبالقرب منها المقصف المعروف بدهليز الملك والبرنج والجسر وكانت تعرف ببركة الطوابين ثم عرفت ببركة الحاجب منسوبة للأمير بكتمر الحاجب من امراء الملك الناصر محمد بن قلاوون لأنه هو الذي احتفرها واجرى إليها الماء من الخليج الناصري وبنى القنطرة المنسوبة اليه وعمر عليها الدور والمناظر وبنى على الجسر الفاصل بينها وبين الخليج دورا بهية وكان هذا الجسر من أجل المنتزهات وقد خربت منازله في القرن العاشر في واقعة السلطان سليم خان مع الغوري وصار محله بستانا عظيما قطع أشجاره وغالب نخيلة الفرنساوية ومما تخرب أيضا حارة المقس من قبل سوق الخشب إلى باب الحديد وجميع ما في ضمن ذلك من الحارات والدور صارت كلها خرائب متهدمة
(٣٤٢)