العامة هذا المقام وسبوهم وشتموهم بل وضربوهم وبعضهم رموا بعمامته إلى الأرض واسمعوهم قبيح الكلام وفعلوا معهم ما فعلوا وصاروا يقولون لولا أن الكفرة الملاعين تبين لهم الغلب والعجز ما طلبوا المصالحة والموادعة وأن بارودهم وذخيرتهم فرغت ونحو ذلك من الظنون الفاسدة ولم يردوا عليهم جوابا بل ضربوا بالمدافع والبنادق فأرسلوا أيضا رسلا يسألونهم عن الجواب الذي توجه به المشايخ فأرسل إليهم الباشا والكتخدا يقولان لهم ان العساكر لم يرضوا بذلك ويقولون لا نرجع عن حربهم حتى نظفر بهم أو نموت عن خرنا وليس في قدرتنا قهرهم على الصلح فأرسل الفرنساوية جواب ذلك في ورق يقولون في ضمنها قد عجبنا من قولكم ان العساكر لم ترض بالصلح وكيف يكون الأمير أميرا على جيش ولا ينفذ أمره فيهم ونحو لك وأرسلوا أيضا رسولا إلى أهل بولاق يطلبونهم للصلح وترك الحرب ويحذرونهم عاقبة ذلك فلم يرضوا وصمموا على العناد فكرروا عليهم المراسلة وهم لا يزدادون الا مخالفة وشغبا فأرسلوا في خامس مرة فرنساويا يقول أمان أمان سواسوا وبيده ورق من سارى عسكر فأنزلوه من على فرسه وقتلوه وظن كامل أهل مصر انهم انما يطلبون صلحهم عن عجز وضعف واشعلوا نيران القتال وجدوا في الحرب من غير انفصال والفرنساوية لم يقصروا كذلك وراسلوا رمي المدافع والقنابر والبندق المتكاثر وحضر الألفي إلى عثمان كتخدا برأي ابتدعه ظن أن فيه الصواب وهو ان يرفعوا على هلالات المنارات اعلاما نهارا ويوقدون عليها القناديل ليلا ليرى ذلك العسكر القادم فيهتدي ويعلمون ان البلد بيد المسلمين وانهم منصورون وكذلك صنع معهم أهل بولاق وذلك لغلبة ظن الناس ان هناك عسكرا قادمين لنجدتهم وظن أهل بولاق ان الباعث على ذلك نصرتهم فصمموا على ذلك للحرب واستمر هذا الحال بين الفريقين إلى يوم الخميس ثاني عشرينه
(٣٣٧)