محترقة تسكب عند مشاهدتها العبرات ويتذكر بها ما يتلى في حق الظالمين من الآيات * (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون) * وقال تعالى * (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) * وقال تعالى * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) * ودخل الفرنساوية إلى المدينة يسعون والى الناس بعين الحقد ينظرون واستولوا على ما كان اصطنعه واعده العثمانية من المدافع والقنابر والبارود وآلات الحرب جميعها وقيل إنهم حاسبوهم على كلفته ومصاريفه وقبضوا ذلك من الفرنساوية وركب المشايخ والأعيان عصر ذلك اليوم وذهبوا إلى كبير الفرنسيس فلما وصلوا إلى داره ودخلوا عليه وجلسوا ساعة ابرز إليهم ورقة مكتوب فيها النصرة لله الذي يريد ان المنصور يعمل بالشفقة والرحمة مع الناس وبناء على ذلك سارى عسكر العام يريد ان ينعم بالعفو العام والخاص على أهل مصر وعلى أهل بر مصر ولو كانوا يخالطون العثملي في الحروب وانهم يشتغلون بمعايشهم وصنائعهم ثم نبه عليه بحضورهم إلى قبة النصر بكرة تاريخه ثم قاموا من عنده وشقوا المدينة وطافوا بالأسواق وبين أيديهم المناداة للرعية بالاطمئنان والأمان فلما أصبح ذلك اليوم ركبت المشايخ والوجاقلية وذهبوا إلى خارج باب النصر وخرج أيضا القلقات والنصارى القبط والشوام وغيرهم فلما تكامل حضور الجميع رتبوا موكبا وسادوا ودخلوا من باب النصر وقدامهم جماعة من القواسة يأمرون الناس بالقيام وبعض فرنساوية راكبين خيلا وبأيديهم سيوف مسلولة ينهرون الناس
(٣٤٣)