عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ١١٩
وكان ينفق عليه وعلى عياله ويكسوهم ولم يزل سمح السجية بسام الثنية إلى أن بغته الطاعون حالا وكان موته ارتجالا فنضبت جداوله واستراحت حساده وعواذله وكان الله حسنة في صحائف الأيام والليالي وروضة تنبت الشكر في رياض المعالي فلو بعت يوما منه بالدهر كله لفكرت دهرا ثانيا في ارتجاعه ومات أيضا من بيتهم الاجل المكرم احمد حلبي بن الأمير علي وكان شابا لطيف الذات مليح الصفات مقبول الطباع مهذب الأوضاع ومات أيضا من بيتهم الأمير عثمان بن عبد الله معتوق المرحوم محمد جربجي وان من أكابر بيتهم وبقية السلف من طبقتهم ذا وجاهة وعقل وحشمة وجلالة قدر ومات أيضا من بيتهم الأمير رضوان صهر احمد جلبي المذكور وكان انسانا لا بأس به أيضا ومات من بيتهم عدد كثير من النساء والصبيان والجواري في تلك الأيام المبددة منهم ومن غيرهم عقد النظام ومات الصنو الفريد والعقد النضيد الذكي النبيه من ليس له في الفضل شبيه صاحبنا الأكرم وعزيزنا الأفخم إبراهيم جلبي بن أحمد آغا البارودي نشأ مع أخويه علي ومصطفى في حجر والدهم في رفاهية وعز ولما مات والدهم في سنة اثنتين وثمانين ومائة والف تزوجت والدتهم وهي ابنة إبراهيم كتخدا القزادغلي بمحمد خازندار زوجها وهو محمد آغا الذي اشتهر ذكره بعد ذلك فكفل أولاد سيده المذكورين وفتح بيتهم وعانى المترجم تحصيل الفضائل وطلب العلم ولازم حضور الدروس بالأزهر في كل يوم وتقيد بحضور الفقه على السيد احمد الطحطاوي والشيخ احمد الخانيوشي وفي المعقول على الشيخ محمد الخشني والشيخ علي الطحان حتى أدرك من ذلك الحظ الأوفر وصار له ملكة يقتدر بها على استحضار ما يحتاج اليه من المسائل النقلية والعقلية وترونق بالفضائل وتحلى بالفواضل
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»