على خلاف عادته ورام مناواته ان برز منه شيء خلاف ما عهد منه فلما رأى أمير الحاج ذلك الحال كتم ما عنده وانكر أن يكون عنده شيء من الأوامر في حقه ومضى لنسكه حتى إذا رجع إلى المدينة تنمر وتشمر وكاد أن يأكل على يده من التندم والحسرة وذهب إلى الشام ولما خلت مكة من الحجاج جرد الشريف عسكرا على العرب فقاتلوه وصبر معهم حتى ظفر بهم ودخل المدينة فجأة ولم يكن ذلك يخطر ببالهم قط فما وسعهم الا انهم خرجوا للقائه فآنسهم وأخبرهم انه ما اتى الا لزيارة جده عليه الصلاة والسلام وليس له غرض سواه فاطمأنوا بقوله وشق سوق المدينة بعسكره وعبيده حتى دخل من باب السلام وتملى من الزيارة وأقبلت عليه أرباب الوظائف مسلمين فأكرمهم وكساهم فلما أنس منهم الغفلة امر بأمساك جماعة من المفسدين الذين كانوا يحفرون وراءه فاختفى باقيهم وتسللوا وهرب منهم خفية بالليل جماعة وكان المترجم أحد من اختفى في بيته ثلاثة أيام ثم غير هيئه وخرج حتى اتى مصر ومشى على طريقته في الوعظ وعقد له مجلسا بالمشهد الحسيني وخالط الامراء وحضر درسه الأمير يوسف بك ومال اليه والبسه فروة ودعاه إلى بيته واكرمه وتردد اليه كثيرا وكان يجله ويرفع منزلته ويسمع كلامه وينصت إلى قوله ولديه بعض معرفة بالعلم على طريقة بلادهم واستمر بمصر وسكن بحارة الروم ورتب له بالضربخانة مائة ونصف فضة في كل يوم لمصروفه وصار له وجاهة عند أبناء جنسه إلى أن وقع له ما وقع مع إسماعيل باشا بسبب الوصاية على التركة كما مر ذلك آنفا وحط من قدره واهانه وحبسه نحو ثلاثة اشهر ثم افرج عنه بشفاعة علي بك الدفتردار وانزوى خاملا في داره إلى أن مات في أوائل شعبان بالطاعون سامحه الله تعالى ومات الجناب المكرم المبجل المعظم جامع المعارف وحاوي اللطائف الأمير حسن أفندي بن عبد الله الملقب بالرشيدي الرومي الأصل مولى المرحوم علي آغا بشير دار السعادة المكتب المصري اشتراه سيده صغيرا
(١١٦)